ننشر بنود وثيقة الأخوة الإنسانية التى وقعها شيخ الأزهر والبابا فرنسيس في لقاء تاريخي بجامع الشيخ زايد في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حيث أنها الزيارة الأولى من نوعها، إذ اختار الرمزان الدينيان الكبيران أرض الإمارات لعقد تلك القمة تاريخية وتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل التباحث في سبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة.
وقد وقعا كلاً من فضيلة الإمام أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان بنود وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل محاربة التطرف بداية لسلام تنعم به البشرية، حيث أكد “الطيب” أن بنود الوثيقة الإنسانية تطالب القادة بوقف نزيف الدماء والصراعات التى تشهدها البلاد في العصور الحديثة.
توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية
بنود وثيقة الأخوة الإنسانية
وتؤكد بنود وثيقة الأخوة الإنسانية على أهمية دور الأديان فى بناء السلام العالمي، وجاءت بنود وثيقة الأخوة الإنسانية كالتالي:
توقيع بنود وثيقة الأخوة الإنسانية
– القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وتكريس الحكمة والعدل والإحسان، وإيقاظ نزعة التدين لدى النشء والشباب، لحماية الأجيال الجديدة من سيطرة الفكر المادى، ومن خطر سياسات التربح الأعمى واللامبالاة القائمة على قانون القوة لا على قوة القانون.
– أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضارى لا يقبله الآخر.
– أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا فى كنفه.
– أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم فى احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التى تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
– أن الحوار بين المؤمنين يعنى التلاقى فى المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك فى نشر الأخلاق والفضائل العليا التى تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
بنود وثيقة الأخوة الإنسانية
– أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هى خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
– أن الإرهاب البغيض الذى يهدد أمن الناس، سواء فى الشرق أو الغرب، وفى الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي؛ لذا يجب وقف دعم الحركات الإرهابية بالمال أو بالسلاح أو التخطيط أو التبرير، أو بتوفير الغطاء الإعلامى لها، واعتبار ذلك من الجرائم الدولية التى تهدد الأمن والسلم العالميين، ويجب إدانة ذلك التطرف بكل أشكاله وصوره.
– أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة فى الواجبات والحقوق التى ينعم فى ظلالها الجميع بالعدل؛ لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة فى مجتمعاتنا، والتخلى عن الاستخدام الإقصائى لمصطلح «الأقليات» الذى يحمل فى طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر على استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية، ويؤدى إلى ممارسة التمييز ضدهم.
– أن العلاقة بين الشرق والغرب هى ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتنى كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات؛ فبإمكان الغرب أن يجد فى حضارة الشرق ما يعالج به بعض أمراضه الروحية والدينية التى نتجت عن طغيان الجانب المادي، كما بإمكان الشرق أن يجد فى حضارة الغرب كثيرا مما يساعد على انتشاله من حالات الضعف والفرقة والصراع والتراجع العلمى والتقنى والثقافي.
ومن المهم التأكيد على ضرورة الانتباه للفوارق الدينية والثقافية والتاريخية التى تدخل عنصرا أساسيا فى تكوين شخصية الإنسان الشرقي، وثقافته وحضارته، والتأكيد على أهمية العمل على ترسيخ الحقوق الإنسانية العامة المشتركة، بما يسهم فى ضمان حياة كريمة لجميع البشر فى الشرق والغرب بعيدا عن سياسة الكيل بمكيالين.
– أن الاعتراف بحق المرأة فى التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها، ويجب حمايتها أيضا من الاستغلال الجنسى ومن معاملتها كسلعة أو كأداة للتمتع والتربح؛ لذا يجب وقف كل الممارسات اللاإنسانية والعادات المبتذلة لكرامة المرأة، والعمل على تعديل التشريعات التى تحول دون حصول النساء على كامل حقوقهن.
– أن حقوق الأطفال الأساسية فى التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغى أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أى طفل فى أى مكان، وأن تدان أية ممارسة تنال من كرامتهم أو تخل بحقوقهم، وكذلك ضرورة الانتباه إلى ما يتعرضون له من مخاطر – خاصة فى البيئة الرقمية – وتجريم المتاجرة بطفولتهم البريئة، أو انتهاكها بأى صورة من الصور.
– أن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوى الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم. وفى سبيل ذلك، ومن خلال التعاون المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف، نعلن ونتعهد أننا سنعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صناع القرار العالمي، والقيادات المؤثرة ورجال الدين فى العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأي، وأن نسعى لنشر ما جاء بها من مبادئ على كافة المستويات الإقليمية والدولية، وأن ندعو إلى ترجمتها إلى سياسات وقرارات ونصوص تشريعية، ومناهج تعليمية ومواد إعلامية. كما نطالب بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث وتأمل فى جميع المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية والتربوية؛ لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين والمظلومين والبؤساء فى كل مكان.
والجدير بالذكر أن بنود وثيقة الأخوة الإنسانية دعوة من أجل المصالحة بين جميع المؤمنين بالأديان السماوية، بل بين المؤمنين وغير وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوى الإرادة الصالحة لكى تنعم الأمم بآمان واستقرار.