قبل أشهر قليلة أثارت حالات انتحار بعض المصريين أسفل عجلات المترو وقضبان السكك الحديدية، والتي سجلتها كاميرات محطات القطار لأشخاص يلقون بأنفسهم تحت قضبان وعجلات المترو، موجة من الجدل والحزن في البلاد، وما إن انتهى الحديث عن تلك الوسيلة للانتحار، لتطل على الساحة من جديد أخبار تظهر طريقة أخرى انتشرت ضمت شبابًا يلقون بأنفسهم من الشرفات لأسباب تكاد تكون مُتشابهة.
خلال الساعات الماضية كان الخبر الأبرز الذي ذكرته الصحف المصرية وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، هو أن هناك طالبة مصرية لقت مصرعها إثر سقوطها من الطابق الرابع بمبنى للطالبات تابع للمعهد الفني الصحي بالإسكندرية بسبب تعرضها للتنمر من المسؤولين بالمعهد.
“شعرك وحش وأسلوبك سيئ تعبت جدًا من الكلام أنا في اكتئاب” كلمات قليلة فرغتها “إيمان” في تسجيل صوتي وصفت بها جرحًا كبيرًا بداخلها نتيجة ما تعرضت له من كلمات مُسيئة ومضايقات نظرائها بلغت حد رفع سكين عليها، التي داوم الآخرون على قذفها بها، وإفلات الفاعل دون تأنيبه.
ومن هذا المنطلق؛ فسر الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي لـ “مصراوي” حالة الضحية، قائلاً: ” إن إيمان عانت من مرض نفسي يسمى (تدهور سن المراهقة) نتيجة حالة التنمر التي تعرضت لها وحولتها إلى مادة للسخرية والانتقاد من لون بشرتها وملامح وجهها وهيئتها ومظهرها العام، حتى تولّدت لديها مشاكل نفسية بالغة كالانعزال الاجتماعي، القلق والتوتّر الدائم، قلة الثقة بالنفس والخوف من المستقبل، بجانب المشاكل الصحية بسبب اضطرابات الطعام إضافة إلى التصرفات العدوانية أو الرغبة بالانتقام من الذات ما يؤدي إلى تراكم الأفكار الانتحارية لديها”.
كيف لها أن تنسى تلك الضغوطات وهي في سن المراهقة الخطر؟ تساءل استشاري الطب النفسي معربًا عن صعوبة حالة الضحية والمواقف التي ظلت تطارد نفس إيمان، ونهشت روحها، وذات ليلة، قررت ذات الـ22 عامًا أن تلقي نفسها وتتخلص من حياتها التي أفسدها الآخرون”.
وسبقتها حالة انتحار مأساوية أخرى، إذ لقى طبيب أمراض نفسية وعصبية مصرعه بإلقاء نفسه من منور برج عمارة “القصر” بمنطقة الوكالة بدائرة قسم شرطة دمنهور؛ وذلك لمروره بحالة نفسية سيئة.
وأوضح استشاري الطب النفسي، أنه على الرغم من تشابه وسيلة وفاة الطبيب مع طالبة الإسكندرية إلا أن السبب النفسي الذي دفعهما للانتحار مختلف، فقد عانى الطبيب من الاكتئاب الذي يسمى السوداوي الذي يحدث بسبب التفكير المبالغ في الأمور التي تشغل الإنسان، والضغوطات الشديدة، ووجود جينات استعدادية للمريض، تدفعه في النهاية للتخلص من حياته، وله بعض الأعراض، مثل عدم الرغبة في تناول الطعام، والتحدث والاختلاط مع الآخرين بجانب اضطرابات النوم، وعدم الرغبة في الخروج من المنزل، وربما يصل الأمر للرغبة في تناول كثير من الأدوية التي تساعد على النوم”.
وأضاف “فرويز”، أن تلك الأعراض لا تظهر بين يوم وليلة، بل تتراوح مدة أعراضها من أسبوعين إلى شهر، وحتى إذا حاول الأهل منعه من الخضوع للانتحار، يظل مريض الاكتئاب السوداوي يلجأ إلى التخلص من حياته مرات عديدة.