قررت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال اجتماعها اليوم، برئاسة البابا تواضروس الثاني، تفويض أساقفة الإيبارشيات في فتح أو استمرار غلق الكنائس، طبقا لظروف كل إيبارشية من ناحية انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقالت الكنيسة في بيان لها: “إنه نظرًا لحالات العدوى والإصابات والوفاة واختلاف معدلاتها من إيبارشية إلى أخرى وبمستويات شديدة / متوسطة / خفيفة، رأت اللجنة أن يقوم الأسقف مع مجمع الكهنة في كل إيبارشية بتقدير الموقف الصحي من حيث استمرار أو تعليق القداسات بالكنائس لمدة أسبوعين أو أكثر، أو فتحها تدريجيًّا مع مراعاة كل الإجراءات الصحية، مراعاةً كاملةً وشاملةً، وبصورة جدية، مع تعليق الصلوات بشكل كامل بكافة إيبارشيات الكرازة المرقسية يومي الأحد والجمعة وفقًا لقرار مجلس الوزراء”.
وأضافت الكنيسة: “وفي حالة اختيار الفتح التدريجي في أي إيبارشية نوصي بالالتزام بكل التعليمات التي ستصدر لاحقًا في مذكرة خاصة.”
وعن كنائس القاهرة والإسكندرية “إيبارشية البابا”، والتي تشهد ارتفاعًا في نسب الإصابات والعدوى، قررت الكنيسة تأجيل فتح الكنائس حتى منتصف يوليو المقبل على أن يعاد وقتها تقييم الموقف.
مشيرة أنه على سبيل الاستثناء يقام قداس يوم عيد الرسل بعددٍ محدودٍ لا يزيد على 25 فردًا مع مراعاة كل الاحتياطات الصحية. وكشف أحد أعضاء اللجنة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الاجتماع الذي تم عبر “الفيديوكونفرانس”، استغرق عدة ساعات، وبحث قضية عودة فتح الكنائس بصورة مستفيضة واستمع البابا تواضروس بصدر رحب لكل الآراء، وخرجت القرارات بإجماع أعضاء اللجنة.
وأشار الأسقف إلى أن الاجتماع تضمن النقاش حول “سر التناول”، حيث تم الاتفاق على استمرار الطريقة التقليدية في الكنائس التي بها أكثر من كاهن عبر “المستير”، على أن يجرى الاستثناء من ذلك بالنسبة للكنائس التي بها كاهن واحد فقط وبها عدد كبير، حيث سيتم سر التناول بعد رجوع الكاهن إلى أسقف إيبارشيته بالطريقة الاستثنائية وهي طريقة “مناولة المرضى والمسجونيين”، بصورة استثنائية وفي أضيق الظروف على أن يجرى العودة للطريقة التقليدية بعد انتهاء مسببات اتخاذ القرار.
و”طقس التناول” وهو أحد أسرار الكنيسة السبع والتي ترمز إلى جسد ودم المسيح عبر خبز القربان والخمر، وتركز الجدل حول معلقة التناول المعروفة بـ”الماستير” وهي معلقة فضية يناول بها الكاهن في ختام القداس القبطي المتقدم لهذا الطقس في فمه.
وكان قد أثير جدل قبطي وكنسي حول إلغاء “المستير” خوفا من نقل عدوى كورونا عبره.
وأضاف الأسقف، أنه سيتم اليوم الإعلان عن الإجراءات التي ستتبعها كل إيبارشية في حالة قررت الفتح التدريجي لكنائسها، وهي قرارات قام بقراءتها البابا تواضروس خلال الاجتماع، وتم ادخال بعض التعديلات عليها، ومن أبرزها تحديد عدد الحاضرين للقداس الواحد بـ25 شخصا فقط، دون تحديد أعداد الحاضرين بحسب سعة الكنيسة، وذلك بصورة مؤقتة على أن تزيد فيما بعد، على أن يتم إقامة أكثر من قداس في اليوم الواحد.
وكانت الكنائس الأرثوذكسية، فتحت خلال الفترة الماضية، باب العضوية الكنسية، من أجل تسجيل كل الأقباط لترتيب عودة فتح الكنائس، على أن يحضر كل قبطي قداس واحد شهريا بصفة مؤقته، بشرط الحفاظ على التباعد الاجتماعي خلال الصلوات، وتوفير المطهرات، والالتزام بارتداء الكمامات، وتوفير كواشف للحرارة على ابواب الكنائس.وأوضح عضو اللجنة الدائمة للمجمع المقدس، أن الأساقفة سيعقدون اجتماعات مع الكهنة لترتيب الأوضاع داخل كل إيبارشية من ناحية الفتح أو استمرار الغلق، على أن يتم إعلانها للشعب تباعا، مشيرا إلى أن الأساقفة يتعاملون بروح “الأبوة” ويهمهم الحفاظ على سلامة أرواح الشعب في المقام الأول.
قال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، إن الكنيسة على مدار الأجيال هي “أم” ترعى مصالح أبناءها ويهمها حياتهم الجسدية والروحية والنفسية، وأسرارها السبعة أساس إيمانها وتقواها عبر الزمن، وتاريخها شاهد على ذلك.
وفي افتتاحية مجلة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة في عددها الأخير الذي تم نشره اليوم على الموقع الرسمي لها على شبكة الإنترنت، أضاف البابا، إن عدو الخير يقوم من وقت لآخر لكي يشكك في هذا الإيمان المستقيم بشائعات وهرطقات وأكاذيب وضلالات، ودائما الكنيسة من خلال آبائها وشعبها تقف حائط صد ضد أي انحراف إيماني أو عقيدي لأنها لا تعرف الإيمان فقط بل تعيشة وتحياه كل يوم.
وأوضح البابا، إن سر التناول “جسد ودم المسيح” بحسب الاعتقاد المسيحي، لا ينقلان أي عدوى لأنها سر حياة، أما إجراءات تقديم السر فقد تغيرت أشكالها عبر الزمان، وبقى الهدف هو إتاحة سر التناول كما هو رغم اختلاف الوسائل والأساليب المستعملة لذلك.
وأشار البابا إلى طريقتين لتقديم “سر التناول” في الكنيسة، الأولى تقليدية عبر “المستير”، والثانية تستخدم بدونها في مناولة “المرضى والمسجونين”، وهي ليست بدعا ولا خروجا ولا انتقاضا على قدسية السر، لافتا إلى أنه في زمن تأسيس السر لم يكن هناك وباء عالمي يقضي على مئات الألوف من البشر ويصيب الملايين في معظم أقطار العالم، هذا زمن يحتاج وقاية وحرص بالغ.وأردف البابا في افتتاحية “الكرازة”: “هذا زمن توبة وليس زمن كلام ومقالات، هذا زمن ندم واستعداد وليس زمن عناد وقساوة، هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات، لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خشرها؟ ماذا يستفيد كل من يكتب وينشر على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ويهاجم الكنيسة وآبائها وتدبيرها ويثير سجسا وتعبا بين الناس، غالبا التوبة لم تعرف طريقها إليك، لك أقول: إحترس الموت على الأبواب، قد تؤخذ نفسك في هذه الليلة، أبديتك أهم من أي شيء”.
وتابع البابا: “الكنيسة كأم تطبق قواعد المحبة خلال هذا الزمن الطارئ من انتشار الوباء بصورة عالمية وتستخدم الطريقة الاستثثنائية بدلا من المعتادة والتي سنرجع إليها بمجرد عودة الأحوال الطبيعية، هذا تجميد أو تأجيل للطريقة المعتادة وليس الغاء أو حذفا، وهذا هو صوت الحكمة، وإننا لا نعيش بمفردنا في هذا المجتمع، ويجب ألا نكون سببا في بلبلة أحد أو عثرة النفوس التي نحبها”.
واختتم البابا: “أن الدعوة لاتخاذ إجراءات وقائية نتيجة الظروف الحالية ليس خروجا عن الإيمان إطلاقا، وها نحن نشهد بوفيات بالمئات وإصابات بالآلاف وانتشار شديد للعدوى، والوباء تعدى إمكانيات المستشفيات والأطباء والأجهزة”.
وكانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد قررت منذ 21 مارس الماضي، غلق الكنائس ومنع الصلوات الجماعية للوقاية من تفشي فيروس كورونا.
الوطن