fbpx
اخبارتحقيقاترياضة

كارثة صحية وبيئية بجزيرة “الوراق”.. الصرف الصحى يصب فى النيل.. نسبة صلاحية مياه الشرب لا تتجاوز 17 %.. والأهالى: الحكومة تعترض على اقتراحات لمشروع الصرف.. ونطالب بتشكيل لجنة تقصى حقائق من النواب

متابعه : كارولين سمعان

على الرغم من أن الأمر الواقع ينذر بكارثة صحية وبيئية بجزيرة الوراق التابعة لمحافظة الجيزة، إلا أن الدولة تعتبرها محمية طبيعية ممنوع عليها الخدمات والمرافق الأساسية اللازمة للحياة مثل مياه شرب نظيفة، ومشروع صرف صحى يرحم نهر النيل من استقبال مياه الصرف لنحو 80 ألف مواطن.

 

الجزيرة الباحثة عن الحياة وسط النيل تبلغ مساحتها نحو 1470 فدانا بما يوازى 6.5 مليون متر مربع، يستنكر الأهالى والمقيمون بها اعتبارها محمية طبيعة بحسب القرار الصادر من مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بإنشاء المحميات الطبيعية فى جزيرة الوراق، مطالبين بضرورة تعديل أو إلغاء هذا القرار، فبحسب ما يقوله يحيى المغربى رئيس المجلس الشعبى المحلى الأسبق للجزيرة إنها تضم العديد من المنشآت الخدمية يأتى على رأسها الوحدة محلية ومستشفى ومدرستان ابتدائى وثالثة إعدادية، وجمعية زراعية، ‏ ومكتب بريد‏، ومحطة لمياه الشرب، ومركزا للشباب‏، وملعب رياضى، وجمعية لتنمية المجتمع‏، بالإضافة إلى نحو ‏11‏ مسجدا‏، بالإضافة إلى عدد من المعديات لنقل سكان الجزيرة منها إلى الخارج.

 

ويصف “المغربى” القرار بأنه أرهق سكان الجزيرة كثيرا وتسبب فى منع توصيل الكهرباء، وغيرها من الخدمات والمرافق الضرورية للحياة على جزيرة الوراق، مطالبا رئيس الوزراء بإصدار قرار بإلغائه، وتشكيل لجنة تقصى حقائق من مجلس النواب لزيارة الجزيرة ورفع الظلم الواقع على أهلها.

 

الصرف الصحى يغذى النيل

يهرول محمد عبد الله أحد سكان جزيرة الوراق خلف جرار الكسح للتأكيد على حاجته لكسح خزان صرف صحى “طرنش” أمام منزله الذى امتلأ بمياه المجارى، فهو تعود على كسحها مرتين شهريا كباقى سكان الجزيرة لعدم وجود محطة صرف صحى على الرغم من أن المشروع مدرج ضمن مشروعات محافظة الجيزة منذ عام 2008.

 

بعد أن تنتهى عربة الجرار من رفع مياه الصرف الخاصة بمنزل “محمد”، لا يجد صاحب الجرار مخرجا لتفريغ حمولته سوى التوجه إلى نهر النيل بجوار الملعب الرياضى بالجزيرة لتفريغ حمولته، ليعاود ممارسة نفس دورة العمل مرة أخرى على الجزيرة التى يقطنها نحو 80 ألف مواطن بحسب ما يقوله يحيى المغربى الرئيس السابق للمجلس المحلى بجزيرة الوراق، واصفا ما يحدث بأن صرف الجزيرة يتسبب فى تلوث رهيب للنيل .

 

ويضيف: تم إدراج مشروع الصرف الصحى فى الموازنة العامة للدولة منذ عام 2008- 2009 حيث تم طرحه فى مناقصة حكومية، إلا أن المحافظ الأسبق للجيزة اللواء سيد عبد العزيز لم ينجز فى إدارة الملف بحسب “المغربى” فلم تستفد الجزيرة بتوصيل المشروع حتى الآن، موضحا أنه بسبب عدم وجود طرق أو كبارى تربط الجزيرة بمدينة الوراق أو بغيرها من المدن المجاورة، فتعذر إكمال المناقصة لصعوبة إدخال المعدات والمواد اللأزمة للبدء فى المشروع.

 

ويتابع: صعوبة إدخال المعدات إلى موقع العمل بالجزيرة جعل الأهالى يفكرون فى طريقة لإدخالها من خلال تأجير عبارات أو معديات خاصة، على أن يتحملوا جميع النفقات الخاصة بالنقل، إلا أن الأمر قوبل بالرفض من المحافظ وقتها، وأصر على إنشاء كوبرى عائم مؤقت لنقل المواد اللأزمة للمشروع من خلال مخاطبة الأمانة العامة للقوات المسلحة التى ردت بالرفض لعدم وجود فائض مهمات كبارى لديها.

 

ويتابع: على الرغم من تفاقم الأزمة إلا أن أجهزة الدولة تهربت من تحمل المسئولية فوزارة الرى أبدت اعتراضها على تنفيذ مشروع الصرف الصحى عن طريق عمل سحارة أسفل النيل، كما اعترضت وزارة البيئة على تعليق خط الطرد على الطريق الدائرى.

 

الحديث مازال لرئيس المجلس الشعبى المحلى الأسبق للجزيرة الذى قال: تم تعديل تصميم المشروع بحيث يتم تنفيذ محطة معالجة ثلاثية وعمل غابة شجرية داخل الجزيرة تروى من المياه المعالجة، والباقى يتم صرفه عن طريق خط الصرف، إلا أن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية اعترضت هى الأخرى على المشروع لعدم توافر المساحة اللازمة لإنشاء محطة المعالجة الثلاثية والغابة الشجرية، وهو ما ينفيه “المغربى” بقوله أن المجلس الشعبى المحلى وافق فى عام 2008 على نزع ملكية المساحة اللازمة لتنفيذ المشروع.

 

الحكومة تتهرب مرة أخرى

التهرب بحسب “المغربى” هو أسلوب الحكومة فى التعامل مع الأزمة حيث يضيف أنه بعد رفض جميع الاقتراحات السابقة، وافقت المحافظة على استئجار صندل نيلى لنقل مياه الصرف من الجزيرة إلى إحدى محطات الصرف بمصر القديمة، إلا أن البحث مازال جاريا لإيجاد جهة تقبل بصرف أهالى الجزيرة.

 

ويكمل تصرف الجزيرة على النيل منذ عشرات السنوات، وهو الوضع الذى فاقم الكارثة الصحية فى الجزيرة، فزادت أرقام المصابين بأمراض الالتهاب الكبدى الوبائى “فيروس سى” إلى مئات الحالات، بالإضافة إلى مئات من مرضى الفشل الكلوى، ويفسر ذلك بأن انقطاع المياه المستمر الذى يصل لأكثر من 18 ساعة يوميا يجبر السيدات على غسيل الأوانى المنزلية فى مياه النيل، ويلفت الانتباه إلى أن الكارثة لا تتوقف على مرض أهالى الجزيرة فقط ولكن الضرر يصل إلى المدن الواقعة على فرعى دمياط ورشيد.

 

ويتابع مجتمع منعزل عن العالم مغلق على نفسه، يفتقد لأبسط مقومات الحياة، فلا تستغرب من الأرقام المفزعة عن المرضى ولا عادات الناس، قائلا “لا يمكن أن تلوم صاحب جرار الكسح على إلقائه الصرف فى النيل أو فى شوارع الجزيرة هيروح به فين؟”، ويكمل الجزيرة تعيش فى حلقة مفرغة، وسط تجاهل المسئولين للأزمة.

 

كانت منظمة الصحة العالمية قد رصدت فى دراستها أجرتها فى عام 2012، أن نسبة الصرف الصحى بالجزيرة تبلغ صفر % فيما يصل معدل وفيات الأطفال لكل ألف ولادة إلى نحو 12%

 

مياه الشرب

على الرغم من أن جزيرة الوراق تلتف حولها مياه النيل من جميع الاتجاهات، إلا أن ذلك لم يشفع لأهلها لدى المسئولين بتوفير مياه نظيفة، فبحسب ما يقوله الحاج على بدر أحد سكان الجزيرة، فإن الأهالى يضطرون إلى شراء جراكن مياه الشرب وأعمال المنزل من “البر التانى”، بمرسى دمنهور ناحية منطقة المؤسسة بمحافظة القليوبية، بتكلفة تصل لثلاثة جنيهات تقريبا للجركن الواحد، ويتم نقلها إلى الجزيرة عبر المعديات.

 

ويكمل لدينا فى الجزيرة محطة مياه تعمل بطاقة إنتاجية 300 م فى الساعة، إلا أن الانقطاع لأكثر من 18 ساعة يوميا نظرا لغياب الصيانة والإحلال والتجديد منذ سنوات يدفع الأهالى إلى شراء المياه خوفا من تناول مياه النيل الملوثة بمياه الصرف، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر فى 2012 فإن نسبة المياه الصالحة للشرب بالجزيرة لا تتعدى 17% .

 
 
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com