وفقا لتقرير نشرته صحيفة “لا سيمانا” الإسبانية فإن الهجمات فى فرنسا والنمسا دقت ناقوس الخطر فى أوروبا بأكملها، خاصة وأن الهجمات الأخيرة كانت تعود لأشخاص بمفردهم، ويرى الخبراء أنه من المثير للجدل أن إجراءات السلطات الأوروبية لوقف الهجمات المعزولة التى يشنها ارهابيين غير كافية، وأكدوا أن الحرب ضد الارهاب تدخل مجال غير مألوف.
وأكد التقرير أن فرنسا على وجه التحديد تشهد موجة من الهجمات يبدو من الصعب احتواءها ، فإنها ليست هجمات ضخمة أو مدبرة سلفا ، ولكن بدلا من ذلك فهى حلقات متفرقة من المتطرفين الذين يعملون بمفردهم، ولذلك فإن الذئاب المنفردة تعتبر الخطر الأكبر الآن ، حيث يكفيهم “سكين مطبخ” للقتل وزرع الارهاب، ولا يقارن رصيد الضحايا بعام 2015 عندما توفى أكثر من 130 شخصا فى العاصمة الفرنسية، لكن حادثة إطلاق النار الأخيرة فى فيينا، التى ارتكبها أحد مؤيدى داعش ، والتى خلفت 5 قتلى و20 مصابا، وذكرت بأن التهديد يستهدف أوروبا كلها إن الارهاب نظرا لصعوبة وقف الهجمات، ويثير قلق القارة بأكملها.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا تعرضت لثلاث اعتداءات على اراضيها ، هجوم بطعن أسفر عن إصابة شخصين أمام المكاتب السابقة لمجلة شارلى ايبدو المثيرة للجدل، وقطع رأس المعلم صموئيل باتى لعرضه رسوم كاريكاتيرية مثيرة للجدل، وقتل شخصين على يد تونسى فى نيس.
وأكدت الصحيفة أن الأزمة وفقا لتحذيرات المخابرات الفرنسية ، فى أنه ليس هناك حل قائم للتهديد الارهابى فى فرنسا بسبب أن الاشخاص افراد معزولين، ولكن لابد من الاحتجاز الوقائى والمراقبة الإلكترونية للإرهابيين المتواجدين.
أما صحيفة “لاراثون” الإسبانية فأكدت أن الذئاب المنفردة الذين استقروا فى إسبانيا للتجنيد والتلقين وارتكاب هجمات يحافظون على اتصالات مع النساء المحتجزات فى مخيم الهول بسوريا، حيث لا يزال آلاف من إرهابى تنظيم داعش الارهابى.
وقالت مصادر فى مكافحة الارهاب للصحيفة الإسبانية إنه وفقا للأبحاث التى جرت فى الأوقات السابقة والتى تعتبير مزعجة ، أكدت أن النساء تلعب دورا كبيرا فى نشر الارهاب، وبعضهن مرتبط بإسبانيا ، والموجودين فى مخيم الهول،حيث أنهن يجندن المراهقين والمراهقات .
وقد ثبت أنه بعد الحفاظ على هذه الاتصالات ، أظهرت “الذئاب المنفردة” مزيدًا من التطرف ؛ وأكدوا في منشوراتهم على أهمية المرأة داخل تنظيم داعش ، لدرجة انتشار مقاطع فيديو تظهر فيها صور نساء مسلحات ببنادق هجومية في أوضاع القتال، بالطبع ، مغطاة بالنقاب المقابل، وفقا للصحيفة الإسبانية.
وبحسب المصادر فإن العديد من نساء داعش داخل مخيم الهول يساهمن في نشر أفكار التنظيم الإرهابي. وهم يلعبون دورًا حاسمًا في نقل الشعارات والأفكار إلى أبنائهم وأقاربهم. إنهم يستجيبون لاستراتيجية عامة للعصابة الارهابية.
وأشارت الصحيفة إلى أن سمة أخرى من سمات الذئاب الفاعلة التي استقرت في إسبانيا ، وفقًا لهذه التحقيقات ، هي تنويع اتصالاتها مع المسلحين الآخرين الذين يعيشون في بلدان بعيدة مثل تركيا.
وحتى لا يتم الكشف عنهم ، يغيرون باستمرار اسم ملفاتهم الشخصية ، ولكن تم الكشف عن امرأة ، نشطة بشكل خاص من البلد المغاربي ، تطلق على نفسها اسم “أرملة الشهيد” التي تقدم “الجنة العليا” ، والتي توفر المواد بجميع أنواعها من داعش، ويركزون في عملهم التوظيفي على الشباب الذين اقتلعوا من جذورهم بسبب قلة العمل أو الفشل في الدراسة ، أو لمجرد أنهم قرروا عدم قبول الأعراف والعادات الإسبانية.
وأرسل تنظيم داعش الإرهابى تهديدات جديدة لإسبانيا بشن هجمات مثل التى حدثت فى باريس وفيينا، مع عبارة “لما كانت قلوب مسلمى الأندلس الإسبانية بيد الله .. احتفظوا بشرفهم وقوتهم”، وتم نشرها على حسابات مواقع التواصل الاجتماعى.
وقالت صحيفة “لاراثون” الإسبانية، إن السلطات الإسبانية تشن هجمات على الإرهابيين، وتكثف من الجهود فى عمليات ضد الإرهابيين، وخاصة تكثيف الرقابة على الإنترنت الخاصة بشراء الأسلحة فى السوق السوداء، مشيرة إلى أن إسبانيا تعتبر هدف الإرهابيين دائما، ولذلك فإن قوات الأمن تعمل على منع الهجمات التى تسبب العديد من الضحايا الأبرياء .
لا يزال تنظيم داعش في مرحلة إعادة بناء قدراته العملياتية بعد الهزيمة الإقليمية التي تعرض لها في سوريا على يد التحالف الدولي ومقتل “خليفته الأول” في عملية عسكرية أمريكية.
وأكدت الصحيفة أن داعش يضع أهداف بدءا من ولايته فى أجزاء مختلفة من العالم، حيث ترتكب هجمات أكثر أكثر فأكثر، لزيادة هيبته، كما أنه يقوم دائما بإثارة الفوضى فى السجون مثل الاعتداءات عليها مثلما حدث فى 20 أكتوبر فى كانجباى، فى الكونغو، حيث أطلق سراح 900 سجين، والهجوم على سجن ننجارهار فى أفغانستان فى أغسطس والذى منه حوالى 300 مسلح من داعش .
وأضافت الصحيفة ، فى الأسابيع الأخيرة، حدثت أعمال إجرامية فى النمسا وفرنسا، وتجرى محاكمة شارلى إيبدو فى باريس، كما بدأت جلسة الاستماع للمجزرة التى ارتكبها داعش فى كتالونيا فى عام 2017 فى مدريد وهو عامل يجب آخذه بعين الاعتبار.
وهدد التنظيم الإرهابى اسبانيا بالعديدمن الهجمات هذا العام ، منها على كامب نو، وساجرادا فاميليا “كنيسة العائلة المقدسة”.
وكانت أعلنت دول الاتحاد الأوروبى السبع والعشرون عزمها تعزيز أمن الحدود الخارجية للاتحاد واقرار تشريعات أوروبية من أجل إزالة المحتوى الارهابى على الانترنت، حيث يرى العديد من الخبراء أن أهم الخطوات لمكافححة الارهاب فى أوروبا.
واعتمد هذا الإعلان المشترك لوزراء الداخلية الأوروبيين يوم الجمعة عقب الهجمات على فرنسا والنمسا بعد خمس سنوات على الهجمات الجهادية التي استهدفت باريس في 13 نوفمبر 2015.
وقال الوزراء الذين أحيوا ذكرى ضحايا الهجمات “نؤكد مجددا عزمنا على بذل كل ما في وسعنا لمحاربة هذا الإرهاب الهمجي بطريقة شاملة وبكل الأدوات المتاحة لنا”، ويأتي هذا الاجتماع الوزاري الذي عقد افتراضيا بعد ثلاثة أيام من القمة الأوروبية المصغرة التي استضافتها باريس وشددت على الحاجة إلى استجابة سريعة ومنسقة من الاتحاد الأوروبي لتكثيف التدابير لمكافحة الإرهاب.
وقال وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي حاليا “نتفق جميعا على أن حماية الحدود الخارجية لأوروبا تحتاج إلى تعزيز، لأسباب أمنية خصوصا”.
وشددت على أهمية عمليات التدقيق المنهجية عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مستشهدة بدراسة أجرتها الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) في العام 2019 والتي تفيد بأن 22 % ممن يدخلون منطقة شينجن لم يتم تسجيلهم وفق الأصول.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالب أخيرا بإجراء إصلاح “عميق” للقواعد المطبقة في منطقة شينغن لحرية التنقل الحركة في أوروبا، و”سيطرة أكبر” على الحدود، بعد أسبوع من هجوم على كنيسة في نيس نفّذه شاب تونسي كان قد وصل حديثا إلى أوروبا.
وقال الوزراء أيضا إنهم عازمون على التوصل إلى نتائج “قبل نهاية العام” للمفاوضات الجارية حاليا لاعتماد تشريع أوروبي يهدف إلى إزالة “المحتوى الإرهابي” عبر الإنترنت.