fbpx
تحقيقاترياضة

اللغة القبطية هى فى الأصل فرعونية وتعيش معنا حتى الآن

 

كتب – مينا وجيه
يظن البعض من الوهلة الأولى لسماعها بالكنائس، لغة دينية، نظرًا لاستخدامها بالصلوات الدينية، وآخرون يعتقدون أنها لغة مستحدثة فرضت على واقع الهوية المصرية، فى حين التاريخ وعلم “الإيجيبتولوجى” المصريات، يقر بمصرية وأصالة تلك اللغة، وإن صُح التعبير فهى لا تعتبر لغة منفردة، بل خط رابع ورسم شكلى لـ اللغة المصرية القديمة الأم.
اللغة القبطية “المصرية”..تعريفها ومراحل تطورها

%d8%aa%d8%aa%d8%aa%d8%aa
تعد اللغة القبطية “المصرية”، هى التطور والرابع والأخير لـ اللغة المصرية الأم، سبقتها الهيروغليفية والتى كتبت على جدران معابد أجدادنا المصريين القدماء، وتلتها الهيراطيقية وهى الطريقة الأسرع والأبسط فى الكتابة عن الهيروغليفة، ومشتق لفظها من اليونانية “غراماطا هيراطيكا γράμματα ἱερατικά”، والتى تعنى “الكتابة الكهنوتية”، حيث اقتصر استخدامها فى ذلك الوقت على كهان المعابد المصرية، إلى أن ظهر الخط الثالث والمعروف بالديموطيقى “الشعبى”، والذى أزدهر فى عهد الأسرة الـ 26 فى القرن الثامن قبل الميلاد واستمر كتابتها حتى القرن الخامس الميلادى.
ويُكتب الخط القبطى، بعدد 32 حرف، منهم 25 يوناني، و 7 ديموطيقي “Ϣ Ϥ Ϧ Ϩ Ϫ Ϭ Ϯ”، ويرجح علماء المصريات أن استخدامها بدء عام 390م، حتى تم استبدال استخدامها داخل الدواوين المصرية، باللغة العربية، فى العهد الفاطمى لحكم مصر.
علماء وآراء عن الخط القبطى لـ “اللغة المصرية”
يقول العالم الفرنسى شامبليون، والذى استطاع فك رموز حجر رشيد، فى مذكراته وؤسائله لأخيه :
“سلمت نفسي بالكامل إلي اللغة القبطية “المصرية”، لقد أصبحت قبطيًا “مصريًا” إلي درجة أن تسليتي الوحيدة الآن، هي ترجمة كل مايخطر علي بالي إلي اللغة القبطية “المصرية”، ثم إني اتحدث إلي نفسي بالقبطية، وقد تمكنت من هذه اللغة إلي درجة أنني قادر أن أعلم قواعدها لأي شخص خلال يوم واحد، و تتبعت تسلسل الروابط التركيبية لهذه اللغة، ثم حللت كل شيء تحليلًا كامًلا، وهو ما سيعطيني دون أدني شك المفتاح اللازم لحل اللغز وفك شفرة نظام العلامات الهيروغليفية، وهو المفتاح الذي حتمًا سأعثر عليه.. إنني ذاهب إلي كاهن قبطي «يوحنا الشفتشى» يسكن في سانت روش، في شارع سانت هونوري، وهذا الكاهن يعلمني الأسماء القبطية، وكيفية نطق الحروف، وإنني أكرس الآن نفسي، لتعلم اللغة القبطية، إذ أريد أن أتقن هذه اللغة مثلما أتقن الفرنسية، وأن نجاحي في دراسة البرديات المصرية سيعتمد علي إتقاني لهذه اللغة القبطية”.
ويقول العلامة “شين Chaine”، إن اللغة المصرية واللغة القبطية، كانتا متعاصرتين وموجودتين معًا منذ أقدم العصور، وأن اللغة المصرية لم تكن لغة متكلمة، وإنما هي لغة مأخوذة من القبطية، باعتبار القبطية هي الأصل، وقد صيغت بحيث يستخدمها الكهنة والكتبة في الكتابة فقط، أي أن المصرية لغة صاغها بعض المصريين الناطقين بالقبطية لهدف الكتابة فقط.

%d9%85%d9%85%d8%aa
اللهجات المصرية الحالية وارتباطها بنطق القبطية “المصرية” قديمًا
تختلف لهجة اللسان المصرى الحالى، من حال سكان بحرى، إلى الدلتا، وختامًا بالصعيد، والملاحظ أن البعض يأخذ طرق نطق الكلمات بسكان الصعيد أو الدلتا، بطريقة من السخرية والتقليل، وكأنه شىء من قلة التمدن والتحضر أو يعتبره البعض جهلًا، لكن فى حقيقة الأمر حال لهجات لسان المصرى الآن، يعتبر إرث ثقافى من لهجات اللغة المصرية “القبطية”…تتكون اللغة القبطية من خمس لهجات تاركة بصمة وتأثير حتى اليوم بنطق العامية المصرية، وهى : البحيرى “سكان الأسكندرية”، البشمورى “سكان القاهرة وبالأخص الدلتا”، الفيومى “سكان الفيوم وبنى سويف”، الصعيدى “سكان المنيا وأسيوط..إلخ”، الأخميمى “سكان أخميم/ سوهاج”.
والُملاحظ بنطق الصعايدة “سمس، سجرة” بديلًا عن شمس وشجرة، “ديش” بديلًا عن جيش..إلخ من المفردات، والتى تبدو غير مفهومة، وذلك لأن اللهجة الأخميمية لـ النطق القبطى باللغة المصرية، يستبدل فيها حرفى الـ “ش، جـ” بــ حرفى الـ “س، د”.
تأثير «القبطية» وارتباطها بالعامية المصرية..أمثلة وتوضيح
وإذا تمعنت أكثر فى دراسة اللغة العربية، ستجد هناك فرق شاسع بين النطق المصرى العامى والنطق العربى الأصيل لـ اللغة العربية، ياتُرى ما السبب؟!.ونجيب على هذا التساؤل بأمثلة وتوضيح، فليست العامية المصرية فقط بها هذا الاختلاف، بل والسورية، والعراقية، والمغربية، واللبنانية..إلخ، وذلك نظرًا لامتزاج اللغة العربية بـ اللغات القومية لتلك البلاد… عندما نقول وقت الغضب “يالا بره” فهى قبطية مصرية خالصة، ويقابلها بالعربية “إلى الخارج”، و “بلاش زيطا” تعنى “كفاية ضوضاء”، وفى أعياد الربيع نطلق عليه “شم النسيم” تعنى “بستان الزهور”، حتى أسماء البلاد فمثلًا “كوم إمبو” بأسوان، فهى تعنى مدينة المياه، “كوم” مدينة، “إمبو” المياه، وذلك نظرًا لتأثر تلك المدينة بموسم الفيضانات..وفى حالة بث الرعب كسبيل الدعابة نقول كلمة “بخ” والتى تعنى شيطان، و”بعبع” عفريت..وتأتى جملة “كانى ومانى” الشهيرة فى الحديث المصرى لرفض تقديم المبررات للمواقف المحرجة ، فـ”الكاني” هو السمن، و”الماني” هو العسل، وإذا أبديت التعجب الشديد فتقول لصديقك يا “إبن الإيه”، لكن أحذر!!!، فأنت تنعته باللغة المصرية القبطية، لأن كلمة “إيه” تعنى الثور أو البقرة، بينما تأتى كلمات وجمل آخرى كثيرة ترجع أصولها للقبطية مثل “محتاس، عافر، إدينى، غلوش، دوشة، مدمس، طنش، هلفوت، خاشم «فم»، فشخرة،…إلخ”.
قرى تتحدث القبطية بالصعيد
قد تتعجب من هذة المعلومة، لكنها حقيقة فنجد قرية الزينية بالأقصر، يتحدث سكانها من الأقباط المصريين اللغة القبطية فى تعاملاتهم اليومية وباللفظ القديم الصعيدى الأصيل لـ النطق القبطى، وقد أجرت قناة النهار تقريرًا مصورًا عن هذة القرية، ولقائات مع أهالى الزينية حول حديثهم بالقبطية.

وتأتى قرية “نزلة عبيد” بالمنيا على نفس المنوال، حيث تشاهد بالوهلة الأولى عند دخولك القرية أسماء المحال والدكاكين التجارية باللغة القبطية، كما هو موضح بالصور الآتية، بجانب حديث أهل القرية لمفردات اللغة فى حياتهم اليومية.
وهناك خطوة رائعة أُخذت داخل المجال الفنى، فى استخدام مفردات اللغة القبطية المصرية، خارج الإطار الكنسى والدينى، إذا أن تتر مسلسل “الوصايا السبع / الكلام المباح”، أظهره الملحن هشام نزويه باللحن القبطى، بكامل بمفرداته اللغوية داخل إطار فنى، خارج القالب الكنسى الدينى المعروف، تحت مسمى «تشوجي انني ذيمون هارون» أى اطرد الشياطين عنا، والذى للوهلة الاولى لسماع التتر ينتابك شعور ربط المصرى الحاضر بأصوله القديمة.
فالهوية القبطية، كلغة وعادات وإرث ثقافى موروث، هو ملك لجميع المصريين، ولايصح تخصيصها تجاه فئة دينية معينة..فجنسنا قبطى مصرى، ولغتنا قبطية مصرية، وعادتنا قبطية مصرية فرعونية، فجميعنا “أقباط” مصريون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com