fbpx
اخباررياضةمقالات رئيس التحريرمن الذكريات

النوم فى العسل

كتب هانى الجزيرى

هذه المقالة نشرت يوم 24 مايو 2010 فى عدة مواقع

لاشك أن المخرج المحترم المحترف المعروف شريف عرفة والمؤلف وحيد حامد ومؤلف الروائع ، والعبقري عادل إمام حينما فكروا فى تصوير فيلم النوم فى العسل كانت لديهم رؤية واضحة ومستقبلية في قراءة الأحداث .

فرئيس مباحث العاصمة يستشعر خطراً يهدد الشعب الذي هو مسئول عن حمايته من خلال جريمتي قتل وعدد من المشاجرات بين العائلات في جميع أقسام العاصمة ولكن بدرجات متفاوتة.وترك رئيس المباحث الواقعة ليبحث عن أسبابها ، فسهل جداً أن يمارس عملة ويبحث عن القاتل أو المتهم ويقدمه للتحقيق وهذه هي مهمته وبذلك يكون قد أدى واجبه على أكمل وجه ، ولكن ضميره دفعه إلى البحث عن السبب. ولما وجد أنه سبب اجتماعي وظاهرة جديدة، لم يكتفي بتسليم المتهم ولكنه بحث في الجريمة نفسها وتوصل أن وراءها وباء ينتقل من منطقة إلى المنطقة المجاورة ولكن بعد حين أكتشف نوع الداء وهو الإحباط والقهر.  الإحباط والقهر الذي يجعل أتخن شنب ممتد ومنتصب يبدوا هزيلاً مذلولاً .

حاول مجدي أو البطل أن ينقل الصورة إلى القيادة داخل وزارة الداخلية ولكن البعض استهزأ به ، والبعض عنفه ، والغالبية قالت وأنا مالي مش شغلي ، ولكنه ظل يرصد الظاهرة ويحملق في كل من حوله ، فوجدها قد أصابت الجميع رجل الأعمال والرجل الكسيب والموظف والبائع المتجول . حتى أن عيادة الطبيب امتلأت وتشكلت من كل فئات الشعب ودخل الجدل والشعوذة ليغتنم الفرصة ويلعب دوره . وأصيب البطل بنفس الداء وبدأ يتابع كي يجد الدواء ولكنه كان حلاً وليس علاج ، كان الحل عجيباً أن يبتعد عن العاصمة ويخرج الناس للخلاء ، أإلى هذا الحد مدينتنا كئيبة ، القاهرة الجميلة التي يقصدها العرب للترفيه والتريض تقتل سكانها ،لا، لا يمكن أن تكون القاهرة كئيبة . إذن أين تكمن الكآبة ، تكمن فى حكومتها ، فى وزراءها ، فى مجلس شعبها ، الحكام أصابوا الشعب بالكآبة ، ونوابه استخفوا به والمسئولون انشغلوا عنه والقيادات أهملت مسئوليتها ، حتى القيادات الدينية أوكلت هذا الإحباط إلى الشعب واتهمته بأنه شعب غير مؤمن وبعيد عن الله ،

خرج البطل وهو يشعر بمأساة شعب هو جزء منه ولما فشلت كل محاولاته في إقناع القيادات بأن هناك مشكلة ووباء، والقيادات مازالت تنكر المشكلة واتهمته بأنه سبب الفتنة ومثير للقلاقل، وهنا خرج الحل العبقري، صرخ الشعب كله آه آه..وتشعر بها صادقة ، نابعة من القلب .

وتوجه البطل إلى الجماهير وقادهم إلى مجلس الشعب ليواجه الشعب نوابه الذين باعوه، أو ليواجه النواب الشعب الذي اختارهم أو أجبر على اختيارهم،

كل هذه المقدمة الطويلة تدعونا لنتأمل، كيف توقع هؤلاء العباقرة عادل وشريف ووحيد ما يمكن أن يحدث، أبطال الفيلم الذي أنتج عام 1996 توقعوا أن يتوجه الشعب إلى مجلس الشعب ليقفوا أمامه ويهتفوا ضد نوابه.

نحن الآن فى عام 2010 أي بعد أربعة عشر عاماً تحقق ما رأيناه في الفيلم ، العبقرية أن تتخيل وتتوقع وتسجل خيالك ثم يتحول الخيال إلى واقع ، وصل الشعب المصري والجماهير المصرية والمعارضة المصرية وهدد وندد وشجب وهتف آه آه كما صرخ عادل إمام .

ولكن عندنا هنا فى مصر الواقع لا يمكن أن تتخيله ، واقع ولا في الأفلام ،

الشعب المهان من أعضاء مجلس شعبه افترش الأرض، نام على الرصيف، ألتف بالبطاطين، استغاث. ولم يستجب أحد . لم يرمش جفن لنائب . واقع ولا في الأفلام النواب المحترمون يطالبون بضرب الشعب بالنار يطالبون بإطلاق النار على الشباب المعترض على تخاذلهم وجهلهم. وأخيراً ما لم يتوقعه المخرج المحترف ولا المؤلف الموهوب ولا الفنان العبقري. هو التظاهر بالملابس الداخلية . الملابس الداخلية الممزقة التظاهر عريانا . يقولون أن السينما تضخم الواقع ولكن في بلدنا مصر الواقع أضخم من الخيال بكثير . والشعب حينما يعانى من جحود السلطة تظهر عبقريته في التعبير عن نفسه ويصبح الواقع ولا في الأفلام

http://www.copts.com/arabic/article.php?i=904&a=940&w=62

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com