fbpx
اخبارتحقيقاترياضة

بيان العراق بعد إنهيار دولة داعش

بينما يعد انهيار دولة داعش المزعومة الحدث الذي يستقطب الاهتمام عند تناول مسار حقوق الإنسان في العراق خلال الفترة المشمولة بالتقرير، فقد نافسه للأسف أربعة تحديات جسيمة شابت مشهد النصر الذي تحقق بهذا الانتصار، حتى وإن كانت متوقعة.

وأول هذه التحديات -كما كان متوقعًا– أن القضاء على دولة داعش لا يعني بالضرورة القضاء على الإرهاب، حيث استمرت معاناة الشعب العراقي من الأعمال الإرهابية ومخلفات فترة حكم دولة داعش، ويرصد أحدث تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة في العراق في 17 إبريل/نيسان 2018 استمرار تعرض بغداد لهجمات بالأجهزة المتفجرة، بما في ذلك المركبات المفخخة التي تستهدف قوات الأمن والمدنيين، وقد وقع من جرائها في الفترة من 20 فبراير/شباط حتى 25 مارس/آذار 2018 ما مجموعه 52 هجومًا قُتل فيها 20 شخصًا من بينهم 17 مدنيًا.

كما استمرت عمليات الاغتيالات في مناطق متعددة، فيما لا تزال مخلفات تنظيم داعش تتكشف، ومن ذلك استمرار 3154 من المواطنين العراقيين الأيزيديين في قبضته حتى (نهاية مارس/آذار 2018)، واكتشاف مقابر جماعية بلغت حتى إعداد التقرير 117 مقبرة تضم نحو 12 ألف من الضحايا.

وكان ثاني هذه التحديات تهديد وحدة التراب الوطني الذي تجسد في إجراء استفتاء حول انفصال إقليم كردستان، وما ترتب عليه من تداعيات وإجراءات.

وثالث هذه التحديات تجذر النفوذ الأجنبي عبر قوات التحالف التي شاركت في الحرب على داعش وغيره من المنظمات الإرهابية، وخاصة سباق الصراع الإيراني الأمريكي على النفوذ في العراق، والتدخلات التركية التي بدأت بالفعل في شن هجمات على مواقع انتشار حزب العمال الكردستاني في منطقة “جبل قنديل” بعد استعدادات استمر ثلاثة أشهر من جانب الجيش التركي.

ويتصل التحدي الرابع بقضية إعادة إعمار المناطق المحررة، وهي مسألة

تتجاوز قيمتها الأبعاد الإنسانية، حيث تظل إحدى سبل الوقاية من عودة تنظيم داعش إلى المناطق المحررة أو ظهور جماعات أخرى مسلحة ومنظمات إرهابية جديدة بتلك المناطق، كما أنها مسألة متعددة الأبعاد، فلا سبيل لإنجازها دون إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وإجراءات حازمة في مكافحة الفساد، حيث يتبوأ العراق المركز 169 من أصل 180 على مؤشر مدركات الفساد للعام 2017.

التطورات التشريعية

أقر البرلمان العراقي عددًا من القوانين أثناء الفترة التي يغطيها التقرير من بينها قانون تعديل قانون انتخاب مجالس المحافظات والأقضية الذي أُقر في 6 يونيو/حزيران 2018, وتنص التعديلات على أن تضمن الحكومة بيئة آمنة لإجراء الانتخابات، وتسهيل عودة المشردين داخليًا إلى مناطقهم الأصلية وتمكينهم من التصويت في دوائرهم الأصلية، وتتعهد وزارتا الدفاع والداخلية بضبط الأمن خلال الانتخابات، ويشترط ألا تكون هناك أذرع مسلحة للأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية.

كما نص القانون في نسخته الجديدة على معايير أهلية المرشحين مشترطًا حصولهم على مؤهل جامعي، على أن يستثنى من ذلك 20% بحد أقصى من مرشحي كل كيان سياسي شريطة ألا يقل مؤهل المستثنين من هذا الشرط عن الثانوية العامة أو ما يعادلها.

وخصص القانون مقعدًا إضافيًا واحدًا لمكون الأكراد الفيليين في محافظة واسط، وهو ما يعني زيادة إجمالي المقاعد البرلمانية من 328 إلى 329.

من ناحية أخرى أقر مجلس النواب قانون الموازنة العامة الاتحادية في الثالث من مارس/آذار 2018 الذي يسري ويدخل حيز النفاذ بأثر رجعي اعتبارًا من الأول من يناير/كانون ثان 2018، ومن الجدير بالذكر أن الكتلة الكردية في البرلمان قاطعت التصويت رفضًا لحجم حصة إقليم كردستان من الموازنة والنفقات.

وفي 5 مارس/آذار 2018 أقر مجلس النواب قانون شركة النفط الوطنية العراقية، وأنشأ شركة تملكها الدولة بالكامل وترتبط بمجلس الوزراء مباشرة، وبموجب القانون تسعى الشركة إلى تحسين الاستفادة من موارد النفط والغاز، فضلًا عن العمل في مجالات التنقيب والتطوير والإنتاج والتسويق والأنشطة ذات الصلة، وتخصص أرباح الشركة للميزانية الوطنية بحد أقصى 90%.

وفي 11 مارس/آذار 2017 صدر قانون حماية الشهود والخبراء والمخبرين والمجني عليهم.

وفي 29 إبريل/نيسان 2017 أقر البرلمان التعديل الثالث لقانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

وفي 20 نوفمبر/تشرين ثان 2017 أقر البرلمان قانون انضمام العراق إلى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي.

أولاً: الحقوق الأساسية

على صعيد الحق في الحياة استمر الصراع على أسس مذهبية وعرقية ليشكل سببًا رئيسًا في إهدار الحق في الحياة، وفشلت الحكومة العراقية في توفير قنوات للتحقيق والإنصاف في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحشد الشعبي خلال مشاركتها للقوات النظامية في الحرب على تنظيم “داعش” الإرهابي، كما فشلت في تفعيل قانون منع إشراك الكيانات المسلحة في الانتخابات.

وطبقًا لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بلغ عدد القتلى خلال العام 2017 قرابة 3298 قتيل من المدنيين، بينما بلغ عدد الجرحى 4790، وبهذا يكون عدد الضحايا المدنيين منذ يناير/كانون ثان 2014 نحو 85147 وعدد الجرحى نحو 55175، وتناول التقرير على نطاق واسع الانتهاكات المنسوبة إلى تنظيم “داعش” الإرهابي التي تواصل بعضها بعد دحر التنظيم من مناطق سيطرته الرئيسة.

وقد تعددت مصادر انتهاك الحق في الحياة خلال الفترة التي يغطيها التقرير، ويأتي في مقدمتها الإرهاب ومكافحته.

وعلى الرغم من دحر قوات داعش وطردها من المدن العراقية، إلا أنها لا تزال تقوم ببعض الجرائم خاصة في مناطق تواجد المدنيين، وقد تبنى التنظيم عددًا من الأعمال الإرهابية، مثل التفجير الإرهابي الذي وقع في مدينة طوز خورماتو بمحافظة صلاح الدين، إذ انفجرت سيارة محملة بالمتفجرات في سوق مزدحم، بما أسفر عن مقتل 24 مدنيًا وإصابة 60 آخرين من بينهم نساء وأطفال.

وفي 27 نوفمبر/تشرين ثان 2017 أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن الحادث الإرهابي الذي أودى بحياة 11 مدنيًا وأصاب نحو 25 آخرين.

وجرى الكشف عن عدد من المقابر الجماعية في المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم، حيث اكتشفت مقبرة جماعية في مدينة هيت بمحافظة الأنبار في 28 نوفمبر/تشرين ثان 2017، وتضم رفات نحو 12 من المدنيين وأفراد الشرطة.

ومن ذلك أيضًا وفي 30 نوفمبر/تشرين ثان 2017 عُثِر على مقبرة جماعية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى تضم رفات نحو 25 من الأيزيديين قُتلوا على يد أفراد التنظيم في يونيو/حزيران 2014، وقد أعلنت البعثة الأممية عن اكتشافها 108 من المقابر الجماعية في البلاد منذ يونيو/حزيران 2014.

وقــــــــد أكدت مصادر ميدانيـــــــة في مدينة الموصل أن معظم مـــــــا يتكشف من

مقابر جماعية في المناطق والأحياء المختلفة في الموصل يعود إلى ضحايا القصف الجوي والمدفعي العشوائي الذي نفذته طائرات التحالف الدولي ضد داعش والطيران العراقي ومليشيات الحشد الشعبي بعد أن تم التغاضي عن استبعادها من المشاركة في العمليات، وأن عدد الجثامين المطمورة تحت أنقاض الأبنية يتراوح بين ثمانية آلاف وتسعة آلاف قتيل من المدنيين، بالإضافة إلى مقابر جماعية أخرى تضم رفات نحو ثلاثة آلاف من المدنيين قتلتهم مليشيات تنظيم داعش الإرهابي بدم بارد لترويع المدنيين لضمان فرض سيطرتها ومنع محاولات الفرار للمناطق المحررة على يد قوات الجيش العراقي النظامية، حيث نحت الأغلبية من أبناء الموصل لعدم التوجه للمناطق التي خضعت لسيطرة مليشيات الحشد الشعبي، على صلة بجرائم ارتكبت بحق المدنيين على أساس مذهبي.

كما استمر استهداف المدنيين من قبل مجهولين مصدرًا متجددًا لانتهاك الحق في الحياة في العراق، فعلى سبيل المثال اقتحم بعض المسلحين المجهولين متجرًا في شرق الموصل وقتلوا صاحبه، وخلال الفترة من 26 أكتوبر/تشرين أول وحتى 4 نوفمبر/تشرين ثان 2017 هاجم مجهولون سبعة منازل.

من ناحية أخرى ومنذ 20 نوفمبر/تشرين ثان 2017 فجر مجهولون ما لا يقل عن 20 منزلًا لعائلات يشتبه في كون أفردها أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية.

ولقي المئات مصرعهم خلال محاولاتهم الفرار من المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش”، فعلى سبيل المثال وثقت البعثة الأممية واقعة مقتل 20 رجلًا مدنيًا في 2 أبريل/نيسان 2017 في حي حاوي الكنيسة الذي يسيطر عليه التنظيم غرب الموصل أثناء محاولتهم الفرار باتجاه قوات الأمن العراقية.

وفي 29 من الشهر ذاته أطلق التنظيم النار على 29 رجلًا وأرداهم قتلى في أحد الشوارع في منطقة الهرمات.

وفي 11 مايو/أيار 2017 أسر داعش 65 مدنيًا في حي الزنجيلي غرب الموصل أثناء فرارهم إلى حي الثورة الذي استعادته قوات الأمن العراقية، وأعدم التنظيم 36 رجلًا منهم.

وفي الأول من يونيو/حزيران 2017 قتل داعش ما لا يقل عن 163 مدنيًا من بينهم نساء وأطفال أثناء محاولتهم الفرار إلى المواقع التابعة لقوات الأمن العراقية، وهــــــو ما تكرر في الثالث من الشهر ذاته، إذ قتــــــل داعش أكثر من 200 مدني أثناء

محاولاتهم الفرار من المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة التنظيم.

ومن ناحية أخرى استمر تعرض بغداد لهجمات متكررة، وخلال الفترة ما بين 12 يوليو/تموز و19 سبتمبر/أيلول 2017، استخدمت أجهزة التفجير اليدوية الصنع في جميع أنحاء المدينة، وهو ما أفضى إلى مقتل 163 مدنيًا وجرح 360 آخرين، بينما أفضت الهجمات التي وقعت في بابل بنفس الأجهزة وكذلك السيارات المفخخة في مقتل 91 شخصًا.

وأعلن التنظيم مسئوليته عن هجوم مزدوج باستخدام أجهزة متفجرة يدوية الصنع، استهدف الأول مطعمًا ونقطة تفتيش أمنية بمدينة البطحاء في محافظة ذي قار في 14 سبتمبر/أيلول 2017، واستهدف الثاني مطعمًا على الطريق السريع الذي يربط بين الناصرية والبصرة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصًا من المدنيين وقوات الأمن وجرح 93 آخرين.

وفي 27 سبتمبر/أيلول 2017 شن التنظيم ثلاث هجمات متزامنة في منطقة الرمادي بمحافظة الأنبار استهدفت قوات الأمن العراقي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 17 فردًا، فضلًا عن اختطاف 30 فردًا من قوات الأمن.

كما لقي قرابة 38 شخصًا حتفهم في 15 يناير/كانون ثان 2018 في هجوم نفذه انتحاريان يرتديان حزامين ناسفين في سوق مزدحم في وسط العراق.

وشكلت الهجمات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية مصدرًا لانتهاك الحق في الحياة، حيث لقي 8 أشخاص حتفهم في قصف أمريكي على ناحية البغدادي غربي العاصمة العراقية بغداد في 27 يناير/كانون أول 2018.

ونشرت مجلة “دير شبيجل” الألمانية تحقيقًا عن جرائم موثقة ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي في المناطق السنية خلال مشاركتها في دحر تنظيم داعش، وشملت عمليات الإعدام الميداني بدم بارد، وعمليات اغتصاب للنساء والرجال جرى بعضها بشكل جماعي، واعتداءات وأعمال سطو ونهب للأموال والممتلكات باطلاع الخبراء العسكريين الأمريكيين الذين أشرفوا على توجيه العمليات، وذكرت المجلة معلومات إضافية حول اختفاء الآلاف والاعتقاد بأنهم قُتلوا، غير أن هذه المعلومات لم يتسنَّ توثيقها.

وعلى صعيد الحق في الحرية والأمان الشخصي وبالتزامن مع بدء عملية استعادة الموصل شن تنظيم داعش حملة لترهيب أهالي محافظة نينوى خاصة في قضاء الموصل ولجأ إلى الاختطاف، ووثق تقرير البعثة الأممية اختطاف التنظيم ستة رجال في 19 أكتوبر/تشرين أول 2017 للاشتباه في قرابتهم لرئيس عشيرة كان يقاتل مع قوات الأمن العراقية ضدهم، وفي نفس اليوم قامت شرطة داعش الأخلاقية (الحسبة) بوضع علامات على المحلات المغلقة في الموصل وأمرت مالكيها بفتحها واستئناف العمل وإلا تعرضوا للعقاب.

وفي 4 نوفمبر/تشرين ثان 2017 أمر التنظيم أهالي حي الخضراء في شرق الموصل بالبقاء في بيوتهم وإلا سيواجهون القتل بالرغم من القصف المستمر على المنطقة، بينما أُجبر أهالي أحياء الموصل على التظاهر ضد القوات العراقية بالقوة وعُوقب الممتنعون عن المشاركة، كما استهدف داعش الأهالي بشكل ممنهج لإجبارهم على إخلاء مناطقهم والنزوح نحو مناطق أخرى في نواحي نينوى، ويشمل ذلك الانتقال في مناطق الموصل من شرقها إلى غربها حيث تدور رحى المعارك.

وشهدت المرحلة الأولى من معركة تحرير الموصل قيام داعش بأكبر عدد من حالات التهجير القسري للأهالي، خاصة خلال الفترة من 17 إلي 19 أكتوبر/تشرين أول 2017، ووثقت التقارير قيام داعش بإجبار 200 عائلة على مغادرة قرية سلامية سيرًا على الأقدام إلي جهة مجهولة.

كما أجبر التنظيم الإرهابي 250 عائلة أخرى في قرية النايفة بناحية النمرود في الموصل على المغادرة إلى مدينة الموصل، ولاحقًا أُجبرت 150 عائلة على السير باتجاه الموصل من قرية معاهد السلامية في النمرود في مدينة الموصل، وعلى إثرها أجبر التنظيم 200 عائلة من قرية كاني ناحية النمرود على مغادرة قريتهم والتحرك باتجاه الموصل.

كما أفاد التقرير الأممي عن قيام داعش بعمليات تهجير قسري لأهالي قرى تل الشوك وأم المناسيس وتلول النصر وحضرة الفضل والبكر ونصف التل والسفينة والنانة وطوبية الرصيف في ناحية الشورى في الموصل إلى مناطق أخرى تقع تحت قبضة التنظيم في محافظة نينوى بما في ذلك الموصل وحمام العليل.

ووثقت البعثة الأممية حالات اختطاف لمدنيين بواسطة داعش استهدفت منتسبين سابقين في قوات الأمن العراقية واحتفظ بهم التنظيم كأسرى خوفًا من الانتقام أو تعاون محتمل مع قوات الأمن العراقية، ففي 17 أكتوبر/تشرين أول 2017 اختطف داعش 15 رجلًا من قرية الزوية بناحية القيّارة في الموصل.

وفـــــي 20 أكتوبر/تشرين أول 2017 اختطف داعش 100 رجل مدنــي من

قرية الصوفية في ناحية الشورى في الموصل.

وفي 2 نوفمبر/تشرين ثان اختطف داعش نحو 30 شيخًا من عشيرة البومتيوت من قرى خنيسي وبيسكي وأم عامر في ناحية القيروان قضاء سنجار، وتواردت أنباء تفيد بإعدام 18 شخصًا منهم.

وخلال الفترة من 27 أكتوبر/تشرين أول 2017 وحتى بداية نوفمبر/تشرين ثان 2017 اختطف داعش قرابة 70 امرأة أيزيدية من نواحي العياضية في تلعفر، والمحلبية في الموصل، ومن ناحية القيروان في قضاء سنجار، فضلًا عن بيع التنظيم النساء الأيزيديات.

ولم يسلم الأطفال من وحشية التنظيم وجرائمه، ففي 10 أكتوبر/تشرين أول 2017 تلقت بعثة الأمم لمساعدة العراق معلومات تفيد بأن التنظيم جند الأطفال قسرًا من سن تسع سنوات فأكثر لاستخدامهم كمقاتلين, كما ورت أنباء 9 نوفمبر/تشرين ثان 2017 عن نشر التنظيم فرقة “أشبال-الخلافة” في البلدة القديمة للموصل مرتدين أحزمة ناسفة ومتفجرة.

ووثقت منظمات دولية في 24 أكتوبر/تشرين أول 2017 أدلة جديد تؤكد إجبار عشرات الآلاف على الفرار من طوزخزرماتو من جراء الهجمات العشوائية ونهب المنازل ذات الأغلبية الكردية وسلبها وإحراقها، حيث اندلعت مواجهات حادة بين كل من قوات الحكومة العراقية وقوات الحشد الشعبي وبين قوات البيشمركة الكردية في المدينة المتعددة الإثنيات في 16 أكتوبر/تشرين أول 2017، حيث فر من طوزخورماتو ما يقرب من 35 ألف مدن،. ويؤكد الفارون من المدينة تورط قوات “الحشد الشعبي” ومقاتلين ومدنيين من التركمان في عمليات واسعة النطاق لإحراق بيوت المدنيين ونهبها وهدمها.

وفيما يتعلق بالحق في المحاكمة العادلة استمر العمل بالقانون رقم 13 لعام 2005 الذي يماثل قانون الطوارئ ويقوض ضمانات حماية المتهمين والمحتجزين، وفيما يخص أحكام الإعدام يحتل العراق المرتبة الرابعة، ولا تزال وزارة العدل الاتحادية تتجاهل الطلبات المتكررة التي قدمتها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق منذ العام 2015 بشأن أعداد من نُفذ بحقهم حكم الإعدام وزمان ومكان تنفيذ أحكام الإعدام، وشهد العام 2017 إجراءات محاكمات صدرت عنها إعدامات جماعية، فقد أعدم 14 شخصًا في يونيو/حزيران 2017، ولم تقدم تفاصيل بشأن هوية هؤلاء الأفراد أو الجرائم التي أُعدموا بسببها، وفي 25 سبتمبر/أيلول 2017 أُعدِم 42 شخصًا بتهم الإرهاب.

وفي 23 أغسطس/آب 2017 قال مصدر أمني أنه تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص لارتكابهم جرائم يعاقب عليها قانون مكافحة الإرهاب في سجن الناصرية المركزي، ووردت أنباء تفيد بإعدام 78 شخصًا لإدانتهم بالانتماء إلى تنظيم داعش.

وكان تنظيم داعش الإرهابي قد أعدم المئات من المدنيين، فعلى سبيل المثال أُعدم 200 مدني في حي القادسية بقضاء تلعفر بعد اعتقالهم بسبب محاولتهم الهرب باتجاه القوات الأمنية، ووجهت ما تسمى المحكمة الشرعية في تلعفر إليهم تهمة “ترك أرض الخلافة”.

ويوجد في العراق أكثر من 7 آلاف ممن يشتبه في صلتهم وانتمائهم إلى داعش صدرت بحقهم عقوبات مشددة بما في ذلك الإعدام منذ العام 2014، وأُعدم منهم نحو 92 شخصًا، واقتصرت التهم الموجهة إليهم على الانتماء إلى داعش.

وعلى صعيد أوضاع الأسرى والمعتقلين وثقت الأمم المتحدة استمرار تردي الأوضاع في مقار الاحتجاز والسجون، واستمرار اكتظاظها الشديد نظرًا لسوء البنية التحتية قديمة الطراز وسوء الصيانة، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والتهوية وغيرها من الخدمات.

وتتفشى ظاهرة التعذيب في البلاد، فعلى سبيل المثال ألقت الشرطة العراقية القبض على الحدث “حسين مازن” وثلاثة أشخاص معه عند حاجز الهندية جنوب شرق كربلاء، وتعرض الأربعة للضرب والتعذيب من قبل أربعة أفراد من الشرطة، وأفيد أن “مازن” أُعلِنت وفاته عقب نقله إلى مستشفى الحسين في كربلاء.

ووثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان حادثة مقتل المواطن “ثائر عدنان لعيبي العامري” (21 عامًا) في شهر يوليو/تموز 2017 بعد تعرضه للتعذيب على يد رجال أمن من شرطة كربلاء بحسب شهادات ذويه. وأكد المرصد مقتل العديد من المحتجزين الآخرين، وقد فتح وزير الداخلية تحقيقًا في عمليات التعذيب.

وقد تفاقمت الأوضاع المتردية من جراء العمليات العسكرية وما يصاحبها من ازدياد في عـدد المعتقلين ونقل المحتجزين والسجناء من المواقع غير الآمنة إلى مرافق أكثر اكتظاظًا.

وقد قامت البعثة الأممية في 26 إبريل/نيسان 2017 بزيارة رصد إلى سجن

ومرفق احتجاز التاجي في بغداد الذي يعمل تحت سلطة وزارة العدل لرصد ظروف إقامة السجناء ومعاملتهم، بينما رفض المسئولون طلب اللجنة مقابلة المحتجزين أو الاجتماع بهم سرًا.

وفي 22 يونيو/حزيران 2017 زارت البعثة سجن العدالة الثاني في بغداد الذي يضم المعتقلين بتهم تتعلق بالإرهاب، ويشمل السجن المذكور المدانين الذين يقضون أحكامًا بالسجن لمدة 15 عامًا أو أكثر، ورفضت السلطات لقاء أعضاء البعثة بالمحتجزين.

وفي “كردستان” واجهت لجنة من البعثة الأممية عدة حالات تتعلق بأحداث محتجزين مع سجناء بالغين، وقد طالبت اللجنة بنقل الأحداث إلى إصلاحية الأحداث في وزارة العمل والشئون الاجتماعية، كما تلقت اللجنة عددًا من الشكاوى من المحتجزين والسجناء والمدعى عليهم أثناء الإجراءات القضائية بعد الإفراج عنهم، وقد أكد هؤلاء تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة لإكراههم على الاعتراف أثناء التحقيق.

ثانيًا: الحريات العامة

اتصالًا بحرية الرأي والتعبير واجه الصحفيون والإعلاميون والمتظاهرون تهديدات بالقتل والاختطاف خلال الفترة التي يغطيها القرار، وتلقت الأمم المتحدة بلاغات تفيد بأن الكوادر المهنية تعرضت لانتهاكات وهجمات شنها قوات الأمن العراقية والجماعات المسلحة والجناة المجهولون أثناء تغطيتهم العمليات المسلحة أو تغطية المظاهرات أو المشاركة فيها.

وتلقت البعثة الأممية معلومات تفيد بأن مصورًا صحفية تعرضا للضرب على يد أفراد من الفرقة الحادية عشرة للجيش العراقي لمنعهما من تغطية تفجير في منطقة النهضة وسط بغداد في 24 يناير/كانون ثان 2017. وفي 30 إبريل/نيسان 2017 أطلق مسلحون مجهولون النار على صحفي في منزله في الديوانية، ولم تتوافر معلومات عن أسباب استهدافه.

وأُصيب صحفي من قناة آفاق التلفزيونية بجروح جراء طلق ناري في حي الزنجيلي المستعاد غرب الموصل في 12 يونيو/حزيران 2017، وفي 19 من الشهر ذاته أسفر تفجير لغم على خط المواجهة في القديمة عن مقتل صحفي فرنسي وآخر عراقي وإصابة صحفيتين فرنسيتين بجروح بالغة أدت إلى وفاة إحداهما متأثرة بجراحها.

وفي 7 يوليو/تموز 2017 أطلق قناص تابع لتنظيم داعش النيران على صحفيين اثنين من تلفزيون هنا صلاح الدين وقتلهما أثناء تغطيتهما القتال بين تنظيم داعش وقوات الأمن العراقية في قرية الإمام الغربي من ناحية القيارة في قضاء الموصل.

وفي 11 فبراير/شباط 2017 قتل ثلاثة متظاهرين طعنًا في ساحة التحرير في بغداد على أيدي مجهولين، وأصيب أكثر من 25 متظاهرًا آخرين بجراح في التدافع الذي أعقب عملية القتل. وأُصيبت صحفية جزائرية تعمل لصالح محطة تلفزيونية جزائرية في 13 فبراير/شباط 2017 على يد أحد قناصي داعش أثناء تغطيتها العمليات العسكرية في منطقة تلعفر.

وفي 25 فبراير/شباط 2017 قتلت صحفية من شبكة رووداو الإعلامية والمصور العامل معها إثر انفجار لغم أرضي زرعه تنظيم داعش بالقرب من مقبرة جماعية في قرية العذبة جنوبي الموصل.

وفي 14 يناير/كانون ثان 2017 أطلق قناص ينتمي إلى تنظيم داعش النار على صحفي أثناء بث مباشر له في حي الجامعة في الموصل، كما أصيب صحفيان بجروح خطيرة جراء هجوم شنه التنظيم في 16 يناير/كانون ثان 2017.

وفيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير في إقليم كردستان تعرض الصحفيون ونشطاء الإنترنت للاعتقال التعسفي وخضعوا لرقابة صارمة، فضلًا عن تلقي بعضهم تهديدات بالقتل، كما واجهوا حملات تشويه، وقد وثقت منظمة العفو الدولية 12 حالة اعتقال تعسفي وضرب وترهيب في خلال الفترة بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2017.

وقد استخدمت قوات الأمن في 14 مارس/آذار 2017 وشرطة مكافحة الشغب التابعة “لإقليم كردستان العراق” عبوات الغاز المسيل للدموع، كما أطلقت الذخيرة الحية لتفريق المحتجين الأيزيديين، وكان المحتجون قد طالبوا قوات البشمركة بمغادرة المنطقة إثر مصادماتها مع وحدات المقاومة في سنجار.

وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان في 21 ديسمبر/كانون أول 2017 استخدام القوات الأمنية في كردستان القوة المميتة ضد المتظاهرين وأن بعض العناصر الأمنية كانت تطلق النيران الحية على المتظاهرين بشكل مباشر، كما أكد تلقيه معلومات عن حملات اعتقال قامت بها قوات “الأسايش” منذ صباح يوم 21 ديسمبر/كانون أول 2017 في محافظة السُليمانية ضد مواطنين وناشطين بارزين.

وعلى صعيد الحق في المشاركة أُجريت الانتخابات النيابية في 12 مايو/ أيار 2018، وتعد ثاني انتخابات عراقية منذ سحب القسم الأكبر من القوات الأمريكية النظامية في العراق نهاية العام 2011، ورابع انتخابات منذ الغزو الأمريكي

للعراق 2003.

وأُجريت انتخابات مجلس النواب من خلال القائمة المفتوحة للتمثيل النسبي للقوائم الحزبية باعتبار المحافظات دوائر انتخابية، وباستخدام نظام “سانت ليجو المعدل” وفقًا للحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا في العراق.

وقد منحت مفوضية الانتخابات إجازة تأسيس لعدد 204 من الكيانات السياسية للمشاركة في انتخابات 2018، وبلغ عدد المرشحين من هذه الكيانات نحو 6810 مرشحين، تنافسوا على 329 مقعدًا في مجلس النواب، وأكبر الكتل التي شاركت في هذه الانتخابات تحالف “النصر” الذي يضم نحو 8 كيانات كبيرة، وخاض الانتخابات في 18 محافظة، وبلغ مجموع الناخبين في جميع المحافظات 24 مليونًا، وقد خصصت 9 مقاعد لمجموعات الأقليات على الصعيد الوطني (خمسة مقاعد للمسيحيين، ومقعد واحد لكل من: المندائيين، والأيزيدين، والشبك)، وفي 10 يناير/ كانون ثان 2018 قررت المحكمة الاتحادية أن تتناسب مقاعد “الأيزيديين” مع نفس المكون وفقًأ لأحكام الدستور، وفي 14 يناير/كانون ثان 2018 قررت المحكمة الاتحادية أن تعطي المقاعد المخصصة للمكون “الصابئي” على أساس الدائرة الانتخابية الواحدة.

ويفرض القانون ألا يقل تمثيل المرأة عن 25%، وقد قرر مجلس النواب أن يكون التصويت الإلكتروني في جميع المناطق من خلال أجهزة العد والفرز، وألا يكون للأحزاب التي تشارك أجنحة مسلحة.

وقد وزعت المقاعد على المحافظات على النحو التالي: الأنبار 15 – بابل 17– بغداد 69 – البصرة 25 – دهوك11 – ذي قار 19 – وديالي 14 – أربيل 15– كربلاء 11- كركوك 12- ميسان 10- المثنى 7- النجف 12– نينوى 31 – القادسيـة 11– صلاح الدين 12– السليمانيـة 18– واسط 11، فيمـا حصــل الأقليات على تسعة مقاعد.

وقد حملت نتائج الانتخابات عدة مفاجآت، أولها تصدر قائمة تحالف “سائرون” التي يدعمها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المرتبة الأولى في معظم محافظات العراق، تليها “قائمة الفتح المبين” التابعة للقيادي في الحشد الشعبي هادي العامري المرتبط بإيران، ثم قائمة “النصر” التابعة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، ثم قائمة “دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، يليها ائتلاف “الوطن” بزعامة إياد علاوي، وبذلك ارتفعت شعبية التيار الصدري إلى المرتبة الأولى بعد أن كان قد حاز في الانتخابات التشريعية السابقة 2014 المركز الثاني بعد ائتلاف دولة القانون.

وعجز رئيس الوزراء حيدر العبادي عن حصد ثمار نجاحاته الداخلية في الحرب على الإرهاب ودرء محاولة انفصال اقليم كردستان، إذ تراجع إلى المرتبة الثالثة، حيث تفوقت عليه قائمة الحشد الشعبي.

واستمر تراجع ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بعد أن كان في طليعة الكيانات السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عامي 2010 و2014، حيث تقدم في انتخابات 2014 بفارق 50 مقعدًا عن أقرب منافسيه، إلا أنه تراجع بصورة لافتة في انتخابات 2018 جراء الانقسام الذي حصل داخل حزب الدعوة بين تياري المالكي والعبادي وشبهات الفساد التي لا تزال تلاحقه.

وتستخلص التحليلات المتعمقة بشأن مسار الانتخابات ونتائجها عددًا من الظواهر يمكن إيجازها فيما يلي:

لاهشاشة الائتلافات المتنافسة في العملية الانتخابية بسبب تباين آرائها تجاه القضايا الداخلية والخارجية مما أسهم في إبطاء تشكيل الحكومة.
تقدم التيار الديني المرتبط بإيران نسبيًا، وتعزي بعض التحليلات ذلك إلى الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة تجاه إيران.
تواصل هيمنة الفكر الطائفي رغم بزوغ تيار ملموس يسعى إلى تخطي الحواجز الطائفية.
انعدام الثقة في نزاهة الانتخابات، الذي عبرت عنه الاتهامات المتبادلة.
تراجع الاهتمام الشعبي بالانتخابات حيث بلغت نسبة المشاركة بحسب المفوضية العليا للانتخابات 44,5%، وهي أقل نسبة حدثت مقارنة بالانتخابات التشريعية السابقة التي أجريت بعد احتلال البلاد.
كذلك استمر تراجع التيار العلماني، حيث أظهرت نتائج الانتخابات تواصل تراجع الكتلة العلمانية التي يقودها إياد علاوي، حيث جاء ائتلاف الوطنية التابع له في المرتبة الأخيرة.

تأخر إعلان نتائج الانتخابات جراء ادعاءات بالتزوير في بعض الدوائر، عززها حرق مقر الانتخابات المحفوظة به أجهزة الاقتراع الإلكتروني، إلى أن أدلت المحكمة الاتحادية العليا برأيها حول الطعون المقدمة من قبل عدد من الائتلافات واعتماد نتائج قريبة من العد اليدوي، مما أدى إلى إعلان النتيجة النهائية في أغسطس/آب 2018، ولم تسفر إعادة فرز الأصوات عن تغيير كبير في النتائج التي كانت أُعلنت في البداية، إذ ظل تحالف “سائرون” في الصدارة بحصوله على 54 مقعدًا، وظلت كتلة العامري التي تتشكل من جماعات شيعية شبه عسكرية في المركز الثاني بحصولها على 48 مقعدًا، كما ظلت كتلة العبادي في المركز الثالث بعد نيلها 42 مقعدًا، وجاءت كتلة المالكي في المركز الرابع ولها 25 مقعدًا.

وقد استمرت أزمة تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن عجزت الكتل السياسية التي خاضت الانتخابات عن التوصل إلى اتفاق أو توافق بشأن تشكيلها، كما تفاقمت الأزمة حتى عقد البرلمان العراقي أولى جلساته في 3 سبتمبر/أيلول 2018، إذ عجز عن اختيار رئيس له، وترأس أكبر أعضائه سنّا للجلسة بحضور 297 نائبًا من أصل 329، وتكرر ذلك بضع مرات لمحاولة استكمال النصاب القانوني اللازم لعقد جلسات المجلس.

واجهت مشاورات تشكيل الحكومة العديد من العقبات في سياق التنافسات الحادة بين الكتل السياسية، ورؤية المرجعية الشيعية، والتنافس بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في تقرير مستقبل العراق الذي أخذ طابعًا صريحًا، وانعكس هذا في تأخر تشكيل الحكومة حتى إعداد التقرير الماثل وبدء انتقال الاضطرابات إلى الشارع بانفجار الموقف في البصرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com