fbpx
منوعات

جمال رشدى يكتب :عواد وبهية… والريف المصري

عواد وبهية… والريف المصري
في الصبحية مع الفجرية تصحي بهية المصرية.تقول لزوجها. قوم يا عواد شوف أرضك وزرعك .بقرتك وجاموستك وغنمك.تجهز ل عواد الفطار منديل العيش الفلاح وبداخلة بتاوي ( عيش ذرة) وقطعة جبن قريش علي قطعة جبنة قديم ويمكن فحل بصل . ينزل عواد للزريبه ( حظيرة المواشي )في بيتهم البسيط يحلبوا اللبن . عواد يحل دابته ويأخذ منديل عيشه في ايده ومعاه جاموسته وبقرته وممكن غنمه ويذهب للحقل . مع اشراق الشمس يربط مواشيه ويحط لهم الفطار برسيم او حشيش. ويولع كانون حطب ويحط الشاي الفلاحي علي الكانون ويفتح منديله هو وأولاده يفطروا . ويقوم يمسك فاسه ويشوف أرضه وزرعه ممكن يكون زارع قمح او ذرة شامي او خضروات بدنجال طماطم فلفل . خيار . شمام ( كنتالوب ) بصل جرجير توم . قطن فول .. الخ . وكمان يركب الطنبور اليدوي في المجري المائي ويروي أرضه وزرعه .. وبهية زوجته في البيت بتشوف طيورها . عندها رومي وبط وفراخ وارانب .وبعد كدا تاخد بهية اللبن ال حلبته هي وعواد من مواشيهم . وتضعه في القربة ( جلد ماعز ) وتخض لمدة ساعة او أكثر تقريبا . تفصل الزبدة عن الجبن .تأخذ الذبدة وتحطها في اناء حلة كبيرة تكون في مكان محفوظ وتاخذ باقي اللبن تحطه في شندة (مصنوعة من جريد النخيل ) وبعد ساعتين او ثلاثة يصبح اللبن جبن . تجمع الجبن في االبلاص (اناء فخاري) وبعد ما تخلص بهيه شغلها في بيتها الريفي البسيط تجلس تفطر . وتقوم تنظف البيت البسيط . وتنظيف زريبة المواشي . وعلي الظهر تبدأ تجهز الغدا ل عواد . ممكن يكون الغدا بطه او فراخ او أرانب . وممكن يكون قطعة زبدة مع بيضة من فراخ المنزل. يجي عواد في ساعة الظهرية يتغدي ويشرب شاي ويركب دابته ويذهب للحقل علشان يشوف مواشيه. وبهية تغسل الملابس في الطاشت (اناء كبير ) وتنشرها علي السطح. بعد كدا تولع بهية الفرن تخبز البتاوي او عيش القمح. تجهزه لبكرة وبعده . ويوم الثلاثاء . مع الفجرية تقوم بهية لسوق القرية تأخذ الذبدة والجبنة وبعض الطيور تبيعها علشان مصاريف البيت.. خد يا عواد القرشين دول خليهم معاك علشان مصاريف المدارس والأولاد والزرع .. عواد مع الفجرية في سوق الثلاثاء يبيع غنم او معزة او عجلة بقر .. خدي يا بهية شيلي القرشين دول معاكي للزمن ..عواد ينظف المجري قدام زرعه علشان يبقي فيه ميه يروي بيها أرضه.عواد يتكلم مع النباتات يشوفها عاوزه سماد ولا ماء . عنده السماد العضوي بتاع مواشيه وعنده الماء في المجري ومعاه طنبورة يدوي. آخر الموسم يحصد عواد زرعه ويجمع قمحه .. وبهية تجمع البيض علشان تركض عليه الفرخة بعد 21 يوم يكون البيض كتاكيت صغيرة … كل مصر كانت بتأكل من ايد عواد وأرضه وبهية وطبورها . مكنش فيه أزمة دولار لأننا مكناش محتاجين حاجة . وفي منتصف التسعينيات قرر مجلس الشعب في نظام مبارك طرد عواد من أرضه .. أخدوا منه أرضه وعرضه . بكي عواد وقال يا جماعة مين يزرع لكم القمح والذرة والخضروات والفواكه .محدش سمع صوت عواد . مشي عواد بكت الأرض والزرع عليه . والمجري اتسدت والطنبورة اتكسرت ..والمواشي اتباعت والغنم ماتت . وصرخت بهية علي شندة الجبنة وقربة اللبن . واتهد الفرن وبقي مفيش عيش ….تلك هي احد المتغيرات التي أحدثها قرار مجلس الشعب في منتصف التسعينيات الخاص بقانون المالك والمستاجر. وهو القضاء علي الريف المصري وسلته الغذائية والثرة الحيوانية . وايضا ثروة الطيور الذي كان يطعم كل المجتمع المصري . متغيرات وعوامل تعرية كبيرة اصابت ذلك الريف فانتشرت المقاهي بديلا عن حظيرة المواشي . وأصبح اللاب توب بديلا عن الفأس .وأصبح المكياج بديلا عن بهية وطيورها وفرنها.. أختفي عواد وبهية… لابد ان نبحث عنهم مرة اخري ونعيدهم الي أرضهم وزرعهم وفرنهم.. هنا اعادة البناء الاقتصادي من القاع للقمة.. ربما لا يكون عواد وبهية بنفس بطبيعتهم من عشرات السنوات ولكن نجعلهم رمز للبناء والتعمير . وأيضا الثقافة والأخلاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com