ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ببيان عاجل أمام الجلسة العامة بمجلس النواب بشأن آخر تطورات أزمة سد النهضة وما توصلت إليه الدبلوماسية المصرية مع دولتي إثيوبيا والسودان، وما قامت به مصر من جهود لتفادي أي أزمات سواء سياسية مع هذه الدول أو أزمات تتعلق بأزمة نقص المياه، وما قامت به الدولة المصرية وما ستقوم به من مشروعات للحفاظ على موارد المياه وتأمين حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، وما تقوم به مصر من رفع كفاءة كل موارد المياه وحسن استغلالها.
وقال رئيس الوزراء، موجهاً حديثه للشعب المصري: «اطمئن الشعب أن الدولة بكل مؤسساتها ملتزمين بالحفاظ على الحقوق التاريخة لمصر في مياه النيل، سواء بالوسائل السياسية والفنية والتشاور الكامل، ودعم كل جسور التعاون مع إثيوبيا والسودان للوصول إلى توافق معهم، بشرط ألا تؤثر على حقوق مصر التاريخية».
وشرح «مدبولي» الموقف الراهن بشأن المفاوضات الجارية حول سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، مؤكداً أن إثيوبيا قامت بإعلان أحادي بالشروع في إنشاء السد في 2011 مستغلة في ذلك الاضطرابات التي شهدتها مصر وقتذاك، ومع ذلك قامت مصر بمساعٍ كبيرة في التفاوض والمناقشة والحوار مع الأشقاء في أثيوبيا والسودان، رغم أن كل المواثيق الدولية وضعت أسس تؤكد أن أي إعلان عن تنفيذ مشروع يجب أن يتم بالتشاور مع الدول المتأثرة من إنشاء هذا المشورع، لكن نتيجة اضطرابات 2011 في مصر بدأت إثيوبيا في اتخاذ خطوات تنفيذية بشكل أحادي.
وأضاف رئيس الوزراء أنه منذ توليه القيادة السياسية الحكم في 2014 بدأ العمل الجاد على كل الأصعدة، السياسية والدبلوماسية في هذا الشأن، بجانب تشكيل فريق عمل من وزارة الري وخيرة خبراء المصريين في مجال المياه، والذين مثلوا الوفد المصري في التفاوض مع الجانب الأثيوبي منذ 2015، وتم التوافق على مجموعة من النقاط من بينها أن يكون هناك خبراء دوليين لوضع معايير فنية لهذا المشروع «خبيرين من كل دولة من الدول الثلاث و4 خبراء دوليين مستقلين» وهذه اللجنة طلبت عمل دراستين فنيتين للتأكد من مدى تأثير بناء السد على الدول الثلاثة، الأولى كانت تتلعق بالأثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية على دولتي المصب، والثانية كانت خاصة بتدفقات النيل الأزرق على مجرى نهر النيل، وبعد أنتهاء هذا التقرير بدأت مصر عدة مسارات سواء سياسية ودبلوماسية أو فنية، فكان التوقيع على إعلان المباديء بين الدول الثلاثة في مارس 2015، وهذا الإعلان نص على مجموعة من الثوابت تؤكد ضرورة إنهاء الدراسات، مشيراً إلى أن كل الدراسات تكاليفها على مصر والسودان فقط، رغم أنها من المفترض أنها مسؤولية الجانب الإثيوبي، إلا أن مصر فعلت ذلك لإبداء حسن النوايا في الموضع.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه من هذه الدراسات انبثق عدد من اللجان السياسية والفنية، وبعد السير في هذا المسار كان هناك نوع من الرفض من الجانب الإثيوبي حتى للتقارير الأولية لهذه اللجان، ولكن حرصاً من مصر على عدم تعثر المفاوضات تم التوافق على تشكيل لجنة علمية من الدول الثلاثة تضع أسس ومعايير التعامل مع قضية سد النهضة.
وأوضح «مدبولي» أن مصر واجعت العديد من العقبات من الجانب الأثيوبي، واليوم تابعت مصر ما وصلت إليه الجلسة الأخيرة من المفاوضات والتي شهدت تشدد من الجانب الأثيوبي على بعض الثوابت، وبدأوا يتراجعوا عنها، وكل هذه الجوانب كلها تتعلق بملء السد وفترة الملء وآلية الملء وما بعد الملء وتشغيل السد باعتبارها ستكون آلية مستدامة بعد أن يكون السد أصبح حقيقة واقعة.
وأضاف رئيس الوزراء أن مصر وفقاً لاتفاق إعلان المبادئ كان ينص على أنه في حالة عدم توافق الدول على الآليات الفنية للملء أن يكون هناك وسيط دولي يضع الأسس والمعايير لتحقيق مصلحة الدول الثلاثة، إلا أن الجانب الأُثيوبي عاد وطلب إعطاء وقت آخر للجان العلمية، إلى أن مصر وجدت أنه من المناسب أن يكون هناك وقفة وتدخل بصورة عاجلة لدخول وسيط دولي، خاصة بعد أن أعلن الجانب الإثيوبي عن بدء التشغيل التجريبي للسد في 2020.
وتابع رئيس الحكومة، أنه حتى هذه اللحظة فإن مصر ليست ضد أي مشروعات تنموية تخدم أي دولة، وهناك عشرات المشاريع نفذتها دول وبالتوافق مع مصر، بل إن مصر شاركت في تمويل وتنفيذ هذه السدود، مثل ما يتم تنفيذه في تنزانيا من مشروع سد عملاق، وهو ما يؤكد أن مصر تدرك وتقر أن كل الدول من حقها أن تستفيد من هذه الموارد، لكن بما لا يجور على حق مصر التاريخي في مياه حوض النيل، حسب ما جاء في القانون الدولي.
زر الذهاب إلى الأعلى