fbpx
اخبارتحقيقاترياضةمنوعات

سائق توكتوك قُتِل بـ32 طعنة

داخل منزل بسيط في عزبة المفتي بمنطقة أوسيم شمال محافظة الجيزة، قلب أم يتقطع، وعقل أب لا يتوقف عن التفكير، ودموع أبناء تتساقط ليلاً ونهاراً؛ الابن محمود “15 سنة” طالب في الصف الثالث الإعدادي، قُتل على يد عاطل يدعى “أبو كارما”، بـ 32 طعنة في أنحاء متفرقة بجسده، لسرقة التوكتوك الذي يعمل عليه “كان بيخلص مدرسة ويطلع يشتغل على التوكتوك عشان يساعدني في مصاريف البيت اتغدر بيه”، قالها والد الطفل.
“المنطقة دي خطر يابني ولو اشتغلت على توكتوك هتموت، في ناس كتير مدمنين وحالات سرقة وقتل كتير حصلت هنا” تجاهل “محمود” تحذيرات والده، وصمم الطفل على مساعدة والده في مصاريف المنزل، وراح يقنعه بعدم الخوف عليه وتركه يعمل كسائق على “توكتوك” حتى يوفر مصاريف دراسته وجزء من تكلفة علاج أخيه الأصغر.
لم يستسلم الطفل لكلام الأب، وقرر البحث عن عمل يكسب من خلاله قوت يومه، وعمل على “توكتوك” خاص بأحد “معلمين” المنطقة، ومر عدة أشهر بسلام، يستيقظ الطفل في الصباح الباكر يذهب إلى مدرسته وبعد انتهاءه من الدراسة يهرول في سرعة إلى العمل على “التوكتوك”.
انتقل خلاف الأب مع نجله إلى خلاف مع زوجته حتى تقنع محمود بعدم العمل على “توكتوك” لكن في النهاية وبسبب ضيق الحال الذي تعيش به الأسرة قبل الجميع بالأمر الواقع وعمل الطفل صاحب الـ 15 عامًا على “توك توك” مملوك لأحد الجيران “أبوملاك”، مقابل مبلغ مالي قد لا يتعدى الـ 25 جنيه في اليوم، واستمر هذا الحال لفترة لم تكن طويلة حتى قرر الأب أن يبحث لنجله على “توكتوك” يقوم بشرائه له بالتقسيط كي يعمل عليه.
حاولت الأم أن تفاجئ ابنها بقرار أبيه، اتصلت به وأخبرته أن والده سيقوم بشراء “توكتوك”، وهو ما جعل صغيرها في حالة من السعادة لا توصف، ورد عليها قائلًا “أنا 10 دقايق وجاي البيت، هخلص المشوار اللي أنا فيه وراجع البيت على طول”، لكن محمود لم يعود إلى المنزل بعد هذه المكالمة، فالأم التي جلست تنتظر نجلها لترى بعينه فرحة تعوضها عن ضيق الحال الذي يعيشون به لم تكتمل، فحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ولم يعد طفلها، لتبدأ رحلة البحث عنه، بعدما باغته الجاني بطعنات متتالية عقب هذه المكالمة.
على غير العادة لم يعود الطفل إلى منزله حتى الساعات الأولى من الصباح، لتبدأ رحلة البحث عنه، في الوقت الذي أذيع فيه عثور بعض الأهالي بمنطقة برطس، على جثة طفل ملقاة داخل الأراضي الزراعية، بدائرة قسم شرطة أوسيم.
يروي الأب “طاهر مصطفى” استورجي، 53 سنة، تفاصيل مقتل ابنه الذي اعتبره “راجل البيت” :” انا عندي بنتين واحده عندها 21 سنة والتانية بتدرس في معهد، ومعايا طفل عامين “معاق”، ومحمود هو اللي كان بيساعدني في مصاريف البيت عشان شايف الحمل تقيل عليا ومش قادر أصرف على البيت وأخوه المريض”.
كان متواجدًا بعمله وعلم بعدم عودته إلى المنزل، سرعان ما عاد إلى بيته الكائن بمنطقة عزبة المفتي، وعلى الفور قام بتحرير محضر بتغيب نجله، وهنا كانت المفاجأة حينما عرض عليه أحد ضباط القسم صورة جثة الطفل التي عثر عليها، ليتعرف الأب ومعه إحدى الجيران على محمود رغم تغير ملامحه بسبب تمزيق جسده بـ 32 طعنه وغرقه في دمائه.
يقول الأب بعين باكية: “أنا كنت حاسس أن ابني هيموت بسبب الشغلانة دي، ولما عرفت انه مرجعش البيت لغاية بالليل وتليفونه مقفول عرفت انه مات، محمود يوم الواقعة قعد عشان يتغدا معانا بس خلص بسرعة وقال انا نازل عندي شغل ومتفق مع واحد أوصله مشوار وواخد منه عربون 10 جنيه، لكن للأسف كان الجاني مدبر أنه ياخد ابني لمكان مهجور عشان يسرق منه التوك توك وياخد فلوسه”.
يضيف الأب: حينما حاول الجاني أن يأخذ التوك توك من ابني رغمًا عنه، رفض ولم يستسلم، فراح يقطع في يديه وهو سائق على الطريق كي يتوقف، حتى نُزعت الرحمة من قلبه وقتل طفلي بـ 32 طعنه في بطنه وصدره، وتركه غارقًا في دمائه وسط الزراعة، لكن البعض شاهد الجانب “أبو كارما” وهو يستقل التوك توك بجوار محمود قبل اتكابه الواقعة، وهو ما سهل على رجال الأمن القبض عليه بعد 24 ساعة فقط من ارتكابه للجريمة.
“إكرام الميت دفنه وابني لغاية دلوقتي في المشرحة لسه مدفنش” قالها الأب الذي طلب التصريح له بدفن جثمان ولده، خاصة بعدما طلب وكيل النيابة إجراء تحليل dna، لإثبات أبوتبه للطفل الذي عثر على جثه مقتولًا داخل الأراضي الزراعية، وبالفعل أثبت التحليل ذلك؛ لكن حتى الآن لم يتم التصريح بدفن الطفل.
“خرب بيتي وعايز القصاص منه ومبقتش عارف أصرف على بيتي” قالها الأب وقلبه يحترق على ولده، مطالبًا القضاء بالقصاص من المتهم كي يكون عبرة لمن مثله، ويأخذ كل ذي حق حقه.
وكانت أجهزة البحث الجنائي بالجيزة كشفت غموض واقعة العثور على جثة لمجهول بدائرة مركز شرطة أوسيم، وضبط مرتكب الواقعة، في إطار جهود الأجهزة الأمنية لكشف غموض واقعة بلاغ (لمركز شرطة أوسيم) بالعثور على جثة أحد الأشخاص مجهول الهوية بدائرة المركز، وبها عدة طعنات متفرقة بالجسم.
وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهم، وتبين إصابته بجروح، وكدمة أسفل العين، وبمواجهته اعترف بارتكابه للواقعة بغرض سرقة “التوك توك” لمروره بضائقة مالية، وبإرشاده تم ضبط المركبة والهاتف المحمول المستولى عليهما، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، والعرض على النيابة التي باشرت التحقيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com