كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة أداء اليمين الدستورية
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ صدق اللَّهُ العظيم.
السيد رئيس مجلس النواب،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لي في بداية كلمتي أن أتوجه بتحية شكر وتقدير لشعب مصر العظيم صاحب الكلمة وصاحب القرار رمز الأصالة والعزة والصمود لكم جميعًا يا أبناء مصر الكرام خالص التحية والتقدير على تجديد الثقة لتحمل مسئولية قيادة وطننا العظيم لفترة رئاسية جديدة.
السيدات والسادة،
دعوني ونحن في ربوع هذا الصرح العريق الممثل لإرادة شعب مصر أن أجدد معكم العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن وتحقيق تطلعات الأمة المصرية العظيمة في بناء دولة حديثة ديمقراطية متقدمة في العلوم والصناعة والعمران والزراعة والآداب والفنون متسلحين بعراقة تاريخ، لا نظير له بين البلاد وعزيمة حاضر، أشد رسوخًا من الجبال وآمال مستقبل، يحمل بإذن الله كل الخير لبلدنا وشعبنا.
شعب مصر العظيم،
منذ اليوم الأول الذي لبيت فيه نداءكم وسعيت لتحقيق إرادتكم التي أعلنتموها جلية ساطعة مدوية وتحركنا معًا كرجل واحد لإنقاذ وطننا من براثن التطرف والدمار والانهيار أقسمت أن يظل أمن مصر وسلامة شعبها العزيز وتحقيق التنمية والتقدم بهـــا هــــو خياري الأول، فـــوق أي اعتبـــار وذلك من خلال نهج المصارحة والمشاركة بشأن كل القضايا والتحديات التي واجهناها مؤكدًا لكم، أن تماسك كتلتنا الوطنية ووحدة شعبنا هي الضمانة الأولى، للعبور بهذا الوطن إلى المكانة التي يستحقها.
ولعل السنوات القليلة الماضية أثبتت أن طريق بناء الأوطان ليس مفروشًا بالورود وأن تصاريف القدر ما بين محاولات الشر الإرهابي بالداخل والأزمات العالمية المفاجئة بالخارج والحروب الدوليـة والإقليميـة العاتية من حولنا تفرض علينا مواجهة تحديات ربما لم تجتمع بهذا الحجم وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديث وهي التحديات التي لم يكن لنا أن نصمد في وجهها، لولا عراقة شعبنا العظيم وما بذله من جهود خارقة، عبر السنوات الماضية، لإعادة بناء بلادنا وتقوية بنيانها بما يمكننا من اجتياز أية صعوبات بمشيئة الله.
أبنــــاء مصــر الكــــرام،
إن عالم اليوم بما يشهده من تحديات متصاعدة: حضاريًا وعلميًا وتكنولوجيًا وعمرانيًا وسياسيًا واقتصاديًا يحتم علينا أن ننتبه بكل طاقاتنا إلى أننا في سباق مع الزمن فالتقدم المستمر لا يتوقف لينتظر أحدًا وقد قطعنا شوطًا كبيرًا في فترة زمنية وجيزة مواجهين الصعاب والتحديات ومدركين أننا نتحدى أنفسنا، قبل أي شيء آخر وهو التحدي الذي يفوز به دائمًا المعدن المصري النادر الذي تزيده جسامة التحديات صلابة وقوة.
وفى هذا السياق واستجابة لقيام الشعب بتكليفي بمواصلة قيادة مسيرة وطننا العظيم فإنني أضع أمامكم أهم ملامح ومستهدفات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة:
أولًا – وعلى صعيد علاقات مصر الخارجية أولوية حماية وصون أمن مصر القومي في محيط إقليمي ودولي مضطرب ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف في عالم جديد تتشكل ملامحه وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.
ثانيًا – على الصعيد السياسي استكمال وتعميق الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة وتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية خاصة للشباب.
ثالثًا – تبني استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادي قوى ومستدام ومتوازن وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسي في قيادة التنمية والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وزيادة مساهمتها في الناتـج المحلـي الإجمالي تدريجيـًا وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمصر وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلي لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبي.
رابعًا – تبني إصلاح مؤسسي شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام وكذلك تحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس.
خامسًا – تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا وكذا مواصلة تفعيل البرامج والـمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحي الشامل.
سادسًا – دعم شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدي “تكافل وكرامة” وكذلك إنجاز كامل لمراحل مبادرة “حياة كريمة” التي تعد أكبر المبادرات التنموية في تاريخ مصر بما سيحقق تحسنًا هائلًا في مستوى معيشة المواطنين في القرى المستهدفة.
سابعًا – الاستمرار في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة واستكمال برنامج “سكن لكل المصريين” الذي يستهدف بالأساس الشباب والأسر محدودة الدخل.
شعب مصر العظيم
أيها الشعب الأبي الكريم،
إن تشييد وتدعيم أسس الجمهورية الجديدة يشهد نموًا وتطورًا كل يوم بما تصنعه أيدينا من عمل وجهد وبما نمتلكه من إصرار على أن لمصر الحق في الحلم ولشعبها الحق في الحياة الكريمة ولأمتها الحق في المكانة العظيمة بين الأمم.
وإنني أعاهد الله وأعاهدكم بأن أظل مخلصًا في عملي لا ترى عيني سوى مصالحكم ومصلحة هذا الوطن متسلحًا بعزيمتكم وبأصلكم الطيب ومحافظًا على العهد والوعد لمصــر الحبـيـبــة، وشـــعبها العـزيــز وقبل كل شئ لله سبحانه وتعالى.
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ صدق اللَّهُ العظيم.
أشكركم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.