الكنيسة علي مدار الاجيال هي أم ترعي مصالح أبناءها ويهمها حياتهم الجسدية والروحية والنفسية ، وأسرارها السبعة أساس إيمانها وتقواها عبر الزمن ، وتاريخها شاهد علي ذلك .وعدو الخير الذي يقوم من وقت لاخر لكي يشكك في هذا الايمان المستقيم بشائعات وهرطقات وأكاذيب وضلالات ، والكنيسة من خلال أبائها وشعبها تقف حائط صد ضد أي انحراف ايماني أو عقيدي لانها لا تعرف الايمان فقط بل تعيشه وتحياه كل يوم .والكنيسة المسترشدة بالروح القدس عليها مواجهة الظروف التي تتغير من زمن الي زمن وفي حدود ما قاله الاباء :
“المسيحيون يقيمون سر الافخارستيا ، وسر الافخارستيا يقيم المسيحين”
المهم تقديم السر . في البيوت ، في المغائر ، في المقابر ، في المزارع ، في الكنائس … المهم في السر .جسد ودم المسيح الأقدسان ، أي حضور المسيح حقيقة لا مجازا ، وهما لا ينقلا أي عدوي لانهما سر الحياة وحاشا لمن يقول غير ذلك .أما اجراءات تقديم السر فقد تغيرت أشكالها عبر الزمان ، وبقي الهدف هو إتاحة سر التناول كما هو ، رغم اختلاف الوسائل والاساليب المستعملة لذلك .لقد كانت دعوة المسيح
“تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وأنا اريحكم ” (متي ٢٨:١١)
وأيضال قال
“اني اريد رحمة لا ذبيحة” (متي٧:١٢) .
ليس جميع المؤمنين المسيحيين أقوياء إيمانيا لكن واجب الكنيسة ان ترعاهم وتساعدهم وتخدمهم . الكنيسة لا تخدم الأقوياء في الايمان فقط ولكن أيضا ضعاف الايمان وقليلي الايمان ومحدودي الايمان والخطاة من كل نوع ، لان المسيح لم يأتي ليدعو ابرارا بل خطاة الي التوبة وقال
“لا يحتاج الاصحاء (الاقوياء) الي طبيب بل المرضي” (مرقس١٧:٢)
الكنيسة تستمع الي صرخة الانسان الذي ينادي “أعن ضعف ايماني” ويجب ان تستجيب في ظل هذه الظروف الحاضرة .وقد استقر في الكنيسة القبطية الارثوذكسية طريقتان لممارسة سر التناول وهما :
الطريقة الاولي : الطريقة التقليدية والمعتادة والمعروفة في كل كنائسنا حيث ممارسة صلوات وطقوس القداس الالهي بأواني المذبح المدشنة .
الطريقة الثانية : الطريقة البديلة وهي التي تستخدم في مناولة المرضي في المنازل والمستشفيات ، وأيضا مناولة المساجين في السجون ، وقد تستخدم هذه الطريقة الاستثنائية في الكنيسة عندما توجد أعداد كبيرة من المتناولين ومع وجود كاهن واحد فقط ولهذه الطريقة نصوص في الخولاجي المقدس وليست بدعا ولا خروجا ولا انتقاصا لقدسية السر .وعلي نفس القياس نحن نستخدم في ممارسة السر المذبح الحجري المدشن بالميرون المقدس ، كما يمكن ان نستخدم اية مائدة خشبية أو غير خشبية ونضع عليها لوحا مدشنا بالميرون المقدس كوضع استثنائي لحين وجود مذبح ثابت ومدشن، وهذا لا ينتقص من قدسية سر التناول علي الاطلاق .في زمن تأسيس السر لم يكن هناك وباء عالمي ويقضي علي مئات الالوف من البشر ويصيب الملايين في معظم أقطار العالم . هذا زمن مرض . هذا زمن عدوي . هذا زمن اصابات . هذا زمن يحتاج وقاية وحرص بالغ .وفي تجربة السيد المسيح علي الجبل قال له الشيطان : “…. ان كنت انت ابن الله فأطرح نفسك من هنا الي أسفل …” وبينما السيد المسيح يقدر ان يفعل ذلك الا انه اجاب وقال له
“لا تجرب الرب الهك (لوقا١٢:٤)
الله ليس جاحدا .. ولا قاسيا .. ولا متبلدا .. حاشا .الله رحيم بالانسان ومتعطف عليه ويرثي لحاله ولضعفه ، ومكتوب :
“فكونوا رحماء كما أن اباكم أيضا رحيم” (لوقا٣٦:٦)+
هذا زمن توبة وليس زمن كلام ومقالات …
“ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ” (لوقا٥:١٣)+
هذا زمن ندم واستعداد ليس زمن عناد وقساوة …
“قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة” (لوقا٤٦:٢٢)+
هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات …
“يارب نجني ” (متي ٣٠:١٤)
لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها (لوقا٢٥:٩)
ماذا يستفيد كل من يكتب وينشر علي مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ويهاجم الكنيسة وأباءها وتدبيرها ويثير سجثا وتعبا بين الناس .. غالبا التوبة لم تعرف طريقها اليك .. لك أقول :
“احترس” الموت علي الابواب ، قد تؤخذ نفسك في هذه الليلة أبديتك أهم من أي شئ (لوقا٢٠:١٢)
في تاريخ الكتاب المقدس نري القديس بولس الرسول يصير ضعيفا ليربح نفوس الضعفاء ، بالتالي فالكنيسة كأم تطبق قواعد المحبة خلال هذا الزمن الطارئ من انتشار الوباء بصورة عالمية وتستخدم الطريقة الاستثنائية (طريقة مناولة المرضي) وهي طريقة طقسية مذكورة في الخولاجي للقمص عبد المسيح المسعودي البراموسي (١٩٠٢) بدلا من الطريقة المعتادة والتي نرجع اليها بمجرد عودة الاحوال الطبيعية ، هذا تجميد أو تأجيل للطريقة المعتادة وليس إلغاء أو حذفا . وهذا هو صوت الحكمة خاصة واننا لا نعيش بمفردنا في هذا المجتمع ، ويجب الا نكون سببا في بلبلة أحد أو عثرة النفوس التي نحبها .ان الدعوة لاتخاذ إجراءات وقائية نتيجة الظروف الحالية ليس خروجا عن الايمان اطلاقا ، وها نحن نشهد بوفيات بالمئات واصابات بالالاف وانتشار شديد للعدوي ، والوباء تعدي امكانيات المستشفيات والاطباء والاجهزة ..لم يعد لنا سوي طلب الرحمة من الله لكي يترأف علينا جميعا وعلي بلادنا وكنيستنا وابائنا .