جمعتهما كلية واحدة هى كلية الاثار ، وبعد ذلك مصلحة واحدة هى مصلحة ترميم الاثار ، وكأن احدهما يتعقب الآخر ، الا انه منذ اليوم الاول الذى تقابلا فيه لم يرتح احدهما للآخر ، فما يسميه الواحد حب يسميه الاخر ضعف ، وما يقول عنه الواحد ابيض يقول عنه الاخر اسود، وكانت المنافسة بينهما على اشدها للوصول للمركز الاول ، ايضا للفوز بحب واحترام الاساتذة والزملاء ، كل ذلك بالرغم من انه لم يكن بينهما ما يدعو لعدم القبول فكلاهما متفوق فى دراسته وكلاهما محبوب من الاخرين ، كل ما فى المسالة ان الامر هو عدم قبول ، وفى السنة النهائية كان عليهما الاشتراك معا فى مشروع واحد للتخرج وذلك وفقا لقواعد الترتيب الابجدى ، قبلا الارتباط على مضض ونجح المشروع ونجح صاحبانا وعينا فى وزارة الاثار ،وكان من الممكن ان ينتهى الموضوع عند هذا الحد ، الا انه بعد مرور تسعه اعوام على التخرج منيت مصر بزلزال 1992 فذابت قلوب المصريين واخذت عناوين الاخبار تطالعنا كل يوم عن اخبار الضحايا والجرحى وقد ذاد من خطورة الموقف ان المبانى المصرية فى ذلك الوقت كانت قد تهالكت ومضى على بنائها الكثير والاهم من ذلك انها لا تمثل قيمتها كابنية فقط وانما تحكى حكاية بلد فبعضها بنى على طراز المعمار الانجليزى وبعضها بنى على طراز المعمار الفرنسى ..والرومانى ..والقبطى ..والاسلامى ، فكل منها يحكى حقبة معينة وهكذا اصبح الامر اكثر من مجرد زلزال بل اصبح قضية قومية .وباعتبار كل منهما موظفا بالدولة كان عليهما المشاركة معا فى مهمة ترميم الاثار كل حسب منطقه اختصاصه الجغرافية وفى يوم دخلت مكتبهما الاستاذة مرثا بملابسها الزاهية ووجهها الطفولى وتلت التكليف بتوزيع العمل .
السيد /اسحق رزق اللة عبد السيد مكلف بترميم جامع ****
السيد/ احمد سيد احمد مكلف بترميم كنيسة *******
ولاعتبارات الغيرة الدينية وتقدير كل منهما لقيمة الاثر الذى يرممه صاحبه فكرا فى تبادل المواقع ، وان كانا يعلما مسبقا ان ذلك مستحيل وخاصة فى ظروف الطوارئ تلك لكنهما خجلا ان يعلنا شيئا من ذلك امام الزملاء واكتفى احدهما بالوقوف فى حضرة المدير تحيطه اغلال الصمت ، ولما ساله المدير عما يريد فتح فمه فلم يخرج منه صوت وعدل عن موقفه سريعا ، وبعد الانتهاء من العمل جمعتهما كلية الاثار مرة اخرى ، تصافحا وسال كل منهما صاحبه عن الاثر الذى كان منوطا بترميمه
-اسحاق : ماذا فعلت فى الهيكل .
احمد : كما فعلت انت فى القبلة .
على ايه حال لعلها تجربة قد تعلم كل منهما قبول الاخر فمن يهتم بازالة شر لحق بزميله لابد انه سيعشقه فى يوم من الايام
