متابعه : كارولين سمعان
لم تكن محاولة انقلاب أمس، جديدة على تركيا؛ البلد الذى عانى طويلا من مرارة الانقلابات العسكرية وتدخل الجيش فى السياسة كحامٍ للقيم العلمانية التى وضعها مؤسس الدولة الحديثة مصطفى كمال أتاتورك فى عشرينيات القرن الماضى، لكنه شهد شيئا ربما يحدث لأول مرة، هو نزول أعداد كبيرة من الشوارع ترفض تحرك الجيش.
فى الانقلابات السابقة منذ تأسيس الجمهورية (1923)، كان الشعب يسمع «بيان الانقلاب» باهتمام وفضول، لكنه يواصل الحياة من دون تعليق، حسب النسخة العربية لصحيفة «هافنجتون بوست ــ عربى». وفيما يلى عرض للانقلابات السابقة.
انقلاب 1961
كان حزب الديمقراطية هو بيت اليمين الشعبى فى تلك السنوات، وكانت حكومته المنتخبة ديمقراطيا تقود تحولا فى سياساتها الخارجية. كانت تتحول من المعسكر الأمريكى، لتفكر فى المعسكر الشرقى بقيادة الاتحاد السوفييتى، وسط معدلات تضخم مرتفعة، وبدايات صعود حزب الشعب الجمهورى المعارض، وسط موجات من الشغب والمظاهرات فى المدن التركية.
وفى صباح 27 مايو 1960 تحركت دبابات الجيش التركى لتنفيذ أول انقلاب عسكرى فى العهد الجمهورى، وسيطر على الحكم 38 ضابطا برئاسة الجنرال جمال جورسيل. وفى البيان القصير، للعقيد ألب ارسلان ترك فى الإذاعة التركية، أكد الانقلاب الولاء لمنظمة حلف شمال الأطلسى (ناتو) وحلف بغداد. واستتبت الأمور بسرعة، وأعدم رئيس الوزراء عدنان مندريس بعد محاكمة استمرت 4 أشهر، بتهمة محاولة قلب النظام العلمانى وتأسيس دولة دينية، ثم أصبح قائد الانقلاب رئيسا بعد انتخابات وصفت بـ«الصورية».
انقلاب 1971
فى هذه المرة لم يرسل الجيش دباباته إلى الحكومة المدنية، بل مذكرة من هيئة الأركان إلى رئيس الوزراء سليمان ديميريل رئيس حزب العدالة اليمينى المعتدل. جاءت المذكرة فى صورة إنذار أخير من الجيش، يطالب بتشكيل حكومة قوية ذات مصداقية، تضع حدا للفوضى والصراع بين الأشقاء، والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية».
وعلى الفور قدم ديميريل استقالته بعد اجتماع استمر ثلاث ساعات مع حكومته، وتم تشكيل حكومة تكنوقراط من خارج المؤسسة السياسية للعمل على تنفيذ برنامج وضعه كبار القادة العسكريين، تحت شعار الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى. وكان الجيش يحكم البلاد من وراء ستار الحكومة التوافقية، عندما بدأت الموجة الثانية والأكثر صخبا من العنف والفوضى، فأوقف الجيش كل ملامح السياسة، وشكل محاكم خاصة لسحق المعارضة بأنواعها.
انقلاب 1980
كان الجيش أكثر صراحة فى هذا المرة، وهو ينقلب بعد صعود أول حزب ذى ميول إسلامية فى البلاد منذ سقوط الخلافة، حزب السلامة الوطنى، بزعامة نجم الدين أربكان، والقوميين المتطرفين.
وفى سيناريو متكرر شهدت الفترة السابقة للانقلاب موجات من العنف اليمينى واليسارى، والكساد الاقتصادى وارتفاع الأسعار، وازدحمت ساحات الجامعات والمصانع بجمعيات العنف السياسى والطائفى.
وكالعادة تدخل الجيش ليوقف الفوضى والإرهاب ويكافح الشيوعيين والفاشيين والعقائد الدينية المتزمتة، كما جاء فى بيان الجنرال كنعان إيفرين، قائد الانقلاب. وشاهد الأتراك هذه المرة قادة الانقلاب العسكرى الأكثر دموية فى تاريخ تركيا، يحاكمون نحو ربع مليون معارض، ويعدمون المئات منهم، ويعين قادة المناطق العسكرية مهام الحكام المدنيين فـى 67 مقاطعة تركية، وصعود افرين للسلطة.
تحرك 1997
فى يوم 28 فبراير، شهدت تركيا، الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان، من حزب الرفاه الإسلامى، وأجبرت الحكومة على الخروج، دون حل البرلمان أو تعليق الدستور، ليوصف الحدث بأنه «انقلاب ناعم»، حيث لم يستخدم فيه جندى واحد. وشكلت حكومة مدنية مباشرة، بعد أن أرسل مجلس الأمن القومى مذكرة لأربكان تشمل حظر الحجاب، وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن، وإلغاء مدارس الطرق الصوفية، وأجبر رئيس الحكومة على التوقيع عليها، ثم استقال.
نقلا عن فيتو