متابعه : كارولين سمعان
بعد أقل من يوم على استطلاع الرأي الذي أجرته محطة “ZDF” الألمانية، والذي توقع فيه 77% من المواطنين أن ألمانيا، ستكون قريبا مركز أهداف للعمليات الإرهابية، حتى تحقق ما كان يخشاه الألمان، إذ شهدت العاصمة الألمانية ميونيخ، واحدةً من أكثر العمليات الإرهابية دمويةً، حين هاجم مسلح مركز “أوليمبيا” للتسوق في مدينة ميونخ، مساء أمس الجمعة، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص آخرين، كما أصيب 16 شخصًا بينهم 3 حالات خطرة.
إرهابي إيراني
وفور الهجوم، انتحر المسلح بإطلاق النار في رأسه، وعُثِر على جثته على بعد كيلومتر من مركز أولمبيا في ضاحية موساتش بالشمالي الغربي من ميونيخ، فيما قال قائد شرطة ميونخ، هوبرتوس أندري، إن المسلح المشتبه به شاب ألماني من أصل إيراني يبلغ من العمر 18 عامًا، ويدعى “علي سومبولي”، ولم يكن معروفا من قبل للشرطة، كما أن دوافع منفذ الهجوم “غير واضحة”، لافتا إلى أن الرجال الثلاثة الذين شوهدوا يفرون من موقع إطلاق النار غير ضالعين في الهجوم، حيث أطلقت الشرطة حملة بهدف اعتقالهم.
وحسب وسائل الإعلام الألمانية، فقد أخلت الشرطة محطة القطارات الرئيسة في ميونيخ وأوقفت كل وسائل النقل العام في المدينة، في وقتٍ سُمع صوت إطلاق نار آخر في محطة المترو، وقالت المتحدثة باسم الشرطة الألمانية إن الشرطة أغلقت منطقة كبيرة حول مركز تسوق ضخم وسط مدينة ميونيخ بعد بدء إطلاق الرصاص.
تدابير أمنية
واتخذت السلطات الألمانية عدة تدابير، منها تعليق المواصلات البرية من وإلى ميونيخ، كما تم إعلان حالة الطوارئ في المدينة وإيقاف حركة الطيران المدني، كما حشدت السلطات عددا كبيرا من أفراد الشرطة بمن فيهم عناصر وحدة النخبة “جي إس جي 9” المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب، خاصة وأن دوافع الهجوم غير معروفة بعد، وإن هوية المهاجمين لا تزال مجهولة.
وناشدت الشرطة المواطنين بالابتعاد عن موقع الحادث؛ حيث تباشر عملية تدخل في موقع الحادث تستخدم فيها طائرات مروحية، وأعلنت سلطات النقل في ميونخ عن توقف بعض خطوط القطارات والحافلات عقب الحادث.
وذكرت وسائل الإعلام الألمانية أن اجتماعا عقد لهيئة الأزمات في العاصمة برلين بحضور ميركل، ودعت ميركل مجلس الأمن الألماني إلى الانعقاد السبت لبحث الهجمات القاتلة.
وفى مؤتمر صحفي، بولاية بافاريا برّأ قائد شرطة الولاية، تنظيم داعش واللاجئين السوريين من الحادث، في وقت تعالت فيه أصوات بعض الألمان بأن اللاجئين السبب، إذ أكد أن منفذ الهجوم لا صلة له بتنظيم داعش أو اللاجئين، وأضاف المدعي العام بالولاية أنه كان يخضع لعلاج نفسي، ويعاني من الاكتئاب.
تنديد دولي وعربي
ونددت دول غربية وعربية بالهجوم، حيث قال الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد الهجوم “ألمانيا أحد أقرب حلفائنا، وبالتالي سنقدم كل الدعم الذي تحتاجه لمواجهة هذا الوضع”.
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فقال في بيان إن “الهجوم الإرهابي الذي وقع في ميونيخ وقتل أشخاصا كثيرين عمل مقيت يهدف إلى إثارة الخوف في ألمانيا بعد دول أوروبية أخرى.”
وعلى الصعيد العربي، أدانت وزارة الخارجية المصرية الحادث، وأعربت عن تعازيها للحكومة والشعب الألماني في ضحايا الحادث، مؤكدة وقوفها مع الشعب الألماني والدولة الألمانية في هذه اللحظات العصيبة، كما جددت موقفها الداعي إلى تكاتف الجهود من أجل مكافحة ظاهرة الإرهاب واجتثاثها من جذورها.
وعبر مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها الشديدين للهجوم، مؤكدًا تضامن المملكة ووقوفها إلى جانب جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة، ومواساتها لأسر الضحايا ولجمهورية ألمانيا حكومة وشعبا.
ونقلت وكالة الأنباء البحرينية، عن الوزارة تأكيدها “تضامن مملكة البحرين مع جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة ودعمها لكل ما من شأنه حفظ أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها وحماية مؤسساتها ومكتسبات شعبها.”
منه جهتها، قالت وكالة الأنباء الكويتية، إن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أرسل برقية إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل معزيا بضحايا الهجوم ومؤكدا “وقوف الكويت مع ألمانيا في جميع الإجراءات التي تتخذها ضد هذه الأعمال الإجرامية التي تتنافى مع كافة الشرائع والقيم الإنسانية”.
تحذيرات ومخاوف
وبالرغم من فرار المشتبه بهم، وعدم تبني أى تنظيم إرهابي الهجوم، فإن كثيرًا من المتابعين للواقعة الدموية، يخشون مزيدًا من الهجمات الإرهابية، إذ يمكنهم الانتظار قليلا ثم الهجوم من جديد، خاصة وأن تنظيم داعش الإرهابي، كان قد دعا إلى تنفيذ هجمات معزولة بالسكين في ألمانيا، وبعدها أغلقت السلطات مطلع يناير الماضي محطتين للقطارات في ميونيخ، بعد تلقيها معلومات من جهاز مخابرات دولة صديقة بأن تنظيم داعش المتشدد يخطط لتنفيذ هجوم انتحاري.
لكن خطر الإرهاب الأكبر تجلى سريعا بعد الفيديو الذي بثه اللاجئ الأفغاني محمد رياض، الذي يبلغ من العمر 17 عاما، والذي كان قد أعده قبل الهجوم المسلح الذي نفذه بفأس وسكين وهاجم مسافرين في قطار جنوب ألمانيا، مساء الاثنين الماضي، حيث أنذر فيه بالمزيد من الهجمات الإرهابية، لكن الشرطة الألمانية في بافاريا، تمكنت من قتله، بعد جرحه 15 شخصا منهم 4 في حالة حرجة، ثم عثرت بعدها على علم داعش في غرفته مرسوم بخط اليد.
وكانت ألمانيا شهدت في مايو الماضي، مقتل شخص وإصابة 3 آخرين بجروح بليغة، بعد أن أقدم مسلح يحمل سكينًا على مهاجمة عدد من الركاب في محطة للقطارات في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا، حيث كان المسلح يهتف “الله أكبر” أثناء الهجوم.