الساعة الثانية عشر والنصف ظهرًا، بينما إمام مسجد عمر بن عبدالعزيز يلقي خطبة الجمعة الموحدة عن “عالمية الرسالة المحمدية”، كانت العجوز الكفيفة في العقار القريب منه تتحسس جسد ابنتها الغارقة في الدماء وتستنجد بجيرانها:”إلحقوني هانم بنتي وقعت واتعورت”.
“قتلت ميس هانم بدافع من لعبة بوبجي”، بتلك الكلمات برر الطالب “سيف الدين” ارتكابه جريمة قتل مدرسته طعنا بسكين أثناء تلقيه درسًا خصوصيًا بمنزلها، في اعترافاته أمام المقدم عبدالحميد السكران، رئيس مباحث قسم شرطة المنتزه أول.
“مصراوي” ذهب في موقع الحادث بشارع مسجد عمر بن عبدالعزيز المتفرع من جمال عبدالناصر بمنطقة ميامي شرقي الإسكندرية، لسماع روايات الأهالي ومعرفة تفاصيل أكثر عن مقتل مدرسة الكيمياء على يد تلميذها.
صرخة عجوز كفيفية
أمام برج “أم المؤمنين”، حيث مسكن المجني عليها ووالدتها الكفيفة، وقفت مدام “سلوى محمد” ترشد المعزيات من السيدات:” اتفضلي عزا ميس هانم في شقتها بالدور الرابع أنا جارتها في الدور الثامن البقية في حياتكم”.
حياة هادئة عاشتها “ميس هانم” بين جيرانها في العقار الذي يفوق ارتفاعه العشرة طوابق، طوال نحو 20 عاما، كانت عايشة مع والدتها الضريرة وابنتها الوحيدة تدرس في جامعة القاهرة وتعيش هناك في بيت الطالبات تقول جارتها مدام سلوى.
يوم الجمعة هرول الجيران على صوت صراخ، مصدره شقةجارتهم بالطابق الرابع، ليجدوا “ميس هانم” غارقة في الدماء “والداتها ضريرة كانت فاكرة أن بنتها وقعت واتعورت” توضح”مدام سلوى”.
وتضيف:”اتصلنا بالإسعاف لكنهم وصلوا لقوها ماتت الطعنات كانت في جسمها كتيرة الله يرحمها كانت مطلقة وملهاش بعد ربنا غير أخوها بيسأل عليها”.
رعب “أم المؤمنين”
“كنت مرة بطبخ ومعنديش توم ولا حد ينزل يشترى لي وكلمتها وجابتلي حبيبتي كانت ست فاضلة وخدومة” تتذكر مدام سلوى مواقفها مع جارتها القتيلة قبل أن تقاطعها مدام يسرية جارتها بالطابق العاشر قائلة:” شوفتي ياسلوى اللى حصل في العمارة بنتي من ساعتها خايفة ومش عارفة تنام” لترد عليها:”ربنا يستر المفروض يمنعوا اللعبة دي”.
وفي غرفة مجاورة للمصعد بمدخل العقار موقع الحادث، جلست “أم كريم” زوجة “عم أحمد” حارس العقار، تمعن النظر في الصاعد والنازل من العقار، بالاقتراب منها وسؤالها عن الحادث، قالت:” مفيش حد فوق في شقةالمرحومة غير أمها ودى ست ضريرة وكبيرة في السن وبنتها اللي رجعت من القاهرة”.
“هانم” من الصعيد
“مدام هانم أصلا من الصعيد وساكنة هنا في العمارة من أكتر من 20 سنة بس هي مش اجتماعية منعرفش عنها كتير غير أنها كانت بتدرس مادة كيمياء في مدرسة في كفر الدوار واتنقلت في مدرسة هنا في إسكندرية قريب وطول السنين دي بيتطلع لها تلامذة يخدوا درس”تقول أم كريم.
وعن يوم الجريمة أضافت زوجة الحارس:”طلعنا نجرى على صراخ والدتها ولقيناها غرقانة في الدم فى الصالة قرب الباب وعرفت الولد اللى اقتلها تانى يوم بالليل لما جه مع المباحث يمثل الجريمة فعلا كنت أول مرة أشوفه”.
مستشفى المدينة المنورة
الصعود لعزاء أسرة القتيلة لم يكن ممكنا هكذا أخبرتنا زوجة حارس العقار، وهو ما أكده “عم بخيت” صاحب محمصة “أولاد الإسكندر” الملاصقة لبوابة العقار، قائلا:” عزاء الرجال في شقةتانية قريب منها هنا لكن منعرفش مكانه”.
وأكمل صاحب المحمصة حديثه بقوله:” يوم الحادث سمعت صراخ بس لم اهتم فهو شيء اعتدت له مع مرضى أو حالات وفاة بالمستشفى المدينة المنورة المجاور لنا وعرفت بعدها أن في جريمة قتل في العمارة كل سكان العمارة بيشتروا مني بس معرفاش شخصيا”.
بجوار جثة القتيلة عثر ضباط قسم شرطة المنتزه أول على حقيبة مدرسية بداخلها سكين كبير الحجم موضوع داخل كيس بلاستيك، وورقة مدون بها عبارات تحث على القتل، وبعض الأدوات المدرسية وحذاء رياضي وجاكت رجالي، تركها القاتل قبل أن يفر هاربا.
جريمة في صلاة الجمعة
وعن يوم ارتكاب الجريمة، قال المتهم”سيف الدين.أ.س”، الطالب بالصف الأول الثانوي، أنه قام بإحضار سكينين من منزله وتوجه لمنزل المجني عليها كعادته أسبوعياً وقت صلاة الجمعة لتلقيه درس خصوصي لديها ولدى دخوله لمنزلها طلب منها كوب ماء وغافلها وقام بتوجيه العديد من الطعنات إليها فأودى بحياتها وفر هارباً تاركاً متعلقاته.
وأضاف المتهم ذات الـ 16 ربيعا، أنه ارتكب الحادث تزامناً مع عيد ميلاده وتخلص من السكين المستخدمة في ارتكاب الحادث بأحد الشوارع بخط سير هروبه وعدم تمكنه من الإرشاد عنه.
وحول دافعه لارتكاب الجريمة، أوضح المتهم أنه يمارس أحد الألعاب الإلكترونية، تعمل على أجهزة الحاسب الآلي والهواتف الذكية، والتي تستند إلى وقائع إحدى مسلسلات الرسوم المتحركة المتداولة على موقع يوتيوب، حيث ولدت تلك اللعبة لديه فكرة القتل.
هل المتهم مريض نفسي؟
هل المتهم يعد مريض نفسي؟ سؤال أجابت عليه الدكتورة أميرة سيف الدين، ، قائلة:” طبعا يعتبر مريض نفسي وليس في حالته الطبيعية فهو مصاب بما يسمي بـ “ذهان حاد” ما يجعله يتصرف تصرفات غريبة لاختلاط الأفكار في ذهنه ما انعكس عليه ووجهه لارتكاب سلوك غير سليم”.
وأشارت “سيف الدين” إلى أن الألعاب الإلكترونية العنيفة التي تمارس في مجموعات تجعل من يمارسها يتقمص العنف ويحاول تنفيذه في أى شخص، قائلة:” بس مش شرط كل اللي يلعب الألعاب دي يصل هذه المرحلة من العنف فهناك آخرون يمكنهم التوقف والرجوع لشخصيتهم الحقيقية”.
وحذرت أستاذ الصحة النفسية بكلية طب جامعة الإسكندرية، الأسرة من ترك أبنائهم دون ممارسة أنشطة أو رياضات بدنية جماعية وفردية لخلق توازن نفسي لدى الطفل أو المراق وحتى لا يكون شاغلهم الأكبر هو الانترنت.
النيابة: المتهم متزن نفسيا
أمر المستشار أشرف المغربي، المحامي العام لنيابات المنتزه في الإسكندرية، بحبس طالب الثانوي قاتل مُعلمته أثناء تلقيه درس خصوصي في منزلها بمنطقة ميامي 4 أيام على ذمة التحقيق، وذلك بتهمة القتل العمد.
وقالت النيابة العامة أن الطالب المتهم بدا متزن نفسيا خلال التحقيقات، إلا أن الجريمة تستدعى إعداد تقرير عن حالته النفسية والاجتماعية للتأكد من سلامة قواه العقلية.