بقلم د اميل شكرالله
بعد صلاة الجمعة وفي قرية مجاورة للقرية التي هتف فيها البؤساء “مش عاوزين كنيسة” ومنعوا بناء الكنيسة بالرغم من وجود التصاريح والموافقات وتقاعس الجهات الأمنية وضعفها أمام جموع المتأسلمين. عاد البؤساء وتوحدوا مع جهلاء آخرين وتجمهروا بالعصي والحجارة أمام حضانة يملكها مواطن مصري قبطي مساحتها اقل من 100 متر مربع بحجة أنها ستتحول إلى كنيسة وماجوا، وهاجوا، وكبرا تكبيراً، وعلت أصواتهم وصراخهم أطنان السماء وخرجت من حناجرهم براكين الغضب ونيران السباب…”بالطول بالعرض هنجيب الكنيسة الأرض”. تجمع الشباب المصري المسلم والمسيحي ووقفوا لحامية المكان ولصد الغزوة الوهابية الجديدة واندلعت أعمال شغب ووقعت إصابات وكالعادة جاء الأمن بعد فوات الأوان. وكالعادة أيضاً اجتمع العقلاء لتهدئة الأمور وذهبوا للبؤساء وسأل أحدهم واحدا من المتشددين دينيا ومعروف عنه في القرية بالتعصب تجاه الأقباط. ما هو سبب رفضك لبناء كنيسة مكان الحضانة بفرض أن الموضوع حقيقي وليس إشاعة كما يتردد؟. فرد عليه قائلاً أجدادنا تركوا لنا القرية ولم يكن فيها كنيسة واحدة فكيف نقبل اليوم أن ندنس قريتنا ونسمح ببناء كنيسة لا لن يحدث هذا أبدا. وجاء أحد الهوجاء ومعه ميكرفون وأذاع على الجميع خطبة أحد شيوخ التطرف وللأسف وجدت فيما بعد هذا الفيديو منتشر ومشاع على اليوتيوب وغيرها من المواقع على مرآي ومسمع من الجميع. أسمعوا ماذا كان الشيخ سامحه الله يحرض على الفتنة ويفسد الدين والدنيا ” لا يجوز بناء الكنائس في ديار الإسلام وهذا القول إجماع المذاهب الأربعة وهو الأثر عن إسلافنا. لا تقل أن الحاكم أجاز لهم.. حتى لو أجاز لهم. بل أن العلامة الدمنهوري الذي كان شيخ للأزهر له كتاب في حرمة بناء الكنائس في مصر. قال… من قال ببناء الكنائس في مصر حتى ولو كان حاكما يحكر عليه ولا ينفذ كلامه عندما يكون الإسلام ممكن. ولا تقل لي أنهم أصحاب دين كما نحن أصحاب دين لأن دينهم دين باطل…تقول هم شركاء في الوطن.. لا مصر دار إسلام…” هذه الأفكار التي تنتشر بين العامة مصيبة كبرى واستعداء لكل العالم ضد المسلمين … هل يعقل هذا في القرن الحادي والعشرين؟؟؟؟؟؟ يا شيخ … أنا وغيري من العقلاء مسلمين ومسيحيين مصريين شرفاء يعرفون التاريخ ويفهمون المقاصد العليا للمشيئة الإلهية في التنوع الديني والعرقي والنوعي للبشرية جمعاء وكلامك ممكن يقتنع به الجهلاء السفهاء البؤساء فقط… لأن مصر ليست دار إسلام .. مصر دولة مصرية يعيش على ترابها مصريون يدينون المسيحية قبل الغزو العربي وظهور الإسلام بمئات السنيين وبها مصريين أقباط أسلموا وبها مصريين بهائيين، وشيعة وبوذيين لا تعرفهم أنت وبها ملحدين وبها …و بها كل الأديان و اللا أديان مثل كل دول العالم ومن حقهم جميعهم أن تكون لهم دور عبادة وأماكن للصلاة مثل كل دول العالم الحر. يا شيخ لا يوجد دين باطل كما تتوهم أنت. لا يوجد دين باطل ألا إذا كان يدعو لكراهية الآخر وتدميره وذبحه ونحره وسبيه وكل الأديان وحتى اللا أديان وحتى علم الإلحاد لا تدعو لهذا بل تدعو للتسامح والمحبة والإخاء والتعاون بين البشر على البر والتقوى. المشكلة يا أخوتي هي مشكلة مشيخة الأزهر حتى أن هذا الشيخ المتطرف اعتمد على كتاب لأحد أأممه الأزهر السابقين… المشكلة من وجهة نظري في الإرادة الخفية التي تتحكم في الأزهر فتمنعه من الموافقة على توحيد خطبة الجمعة التي أعلنتها وزارة الأوقاف لتكون في مصلحة المواطنة والإخاء والبناء والتعمير… المشكلة تكمن في خبايا المؤثرين في اتخاذ القرار في مشيخة الأزهر والذي حتى الآن لم يكفر داعش بل يكفر شركاء الوطن المسيحيين المسالمين المخلصين الذين أبدا على مر العصور والأزمنة لم يحرقوا مسجد ولم يدعو لكراهية أحد ولم يستقوا بالخارج، هل تتذكرون كلمة القمص سرجيوس كاهن كنيسة مار جرجس بالقللي بشبرا عندما خطب في الجامع الأزهر وقال إذا كان الإنجليز يريدون احتلال مصر حماية للأقباط فليمت الأقباط و تحيا مصر” وهل تتذكرون كلمة البابا تواضروس الثاني عندما حرقوا مئات الكنائس بعد فض إمارة رابعة فقال لتحرق كل الكنائس ولا تحرق مصر. حتى أنه في كل تاريخ مصر القديم الحديث لم يقبض على خائن واحد مسيحي يعمل ضد مصر!!! أقترح إن تضرب الدولة بيد من حديد وبلا هوادة كل الداعين للفتنة وكل الداعين للكراهية وكل المغتصبين لحقوق شركاءهم في الوطن وستجد أن كل الشعب المصري معها وبقوة لأن شيوخ التطرف وإتباعهم من البؤساء أقلية مريضة، وإما أن تفتح لهم مصحات نفسية كبيرة في الصحراء يساهم في إنشائها رجال الأعمال المخلصين وأن تزوجهم وتسكنهم في منازل وتصرف عليهم وتوظفهم في أعمال مفيدة للمجتمع المصري تحت حراسة مشددة.. بذلك نحمي المجتمع من أولئك المفسدين ومن أفكارهم البغيضة المميتة ونحمي الدين من الهرطقات والغلو والتطرف الذي جعل العالم كله في ناحية والمسلمين في الناحية الأخرى. ومن الممكن داخل المصحات إن تعمل لهم مراجعات فكرية على أيدي علماء دين مستنيرين وأطباء نفسانيين خبراء في التعامل مع أمثال هؤلاء.. بدون ذلك لا تقدم لمصر ولا تنمية ولا رخاء ولا إنتاج ولا انتماء بل سوف تضيع كل الجهود المخلصة المضنية التي تبذلها الدولة من أجل حماية التراب المصري والنسيج المصري والقوت اليومي للشعب المصري.
shoukrala@hotmail.com
نقلا عن ايلاف