يوافق اليوم عيد ميلاد المقاتل احمد عبد الحي يوسف من ابطال الكتيبة 85 مظلات بنصر أكتوبرمن كتاباتة من وحي اكتوبر :-
قبل أن ينصرم عام الحزن ؛ عام 1967، كنا قد استدعينا نحن الشباب المصري الذي انتهى توا من دراسته المتوسطة أو الجامعية ، في إطار خطة قررت القوات المسلحة تبنيها ، وهى تجنيد حملة المؤهلات لأنهم الأقدر على استيعاب التقنيات الحديثة لاسيما بعدما تكشف من تخلف الجيش المصري عن العصر تدريبا وتسليحا وتعليما وإدارة، وهو ما ظهر جليا في نكسة 67فى يونيو الحزين….وبناء على نتائج الاختبارات التي أجريت لنا في مناطق التجنيد ثم توزيعنا على الأسلحة….ومن هناك؛ من منطقة تجنيد الزقازيق حملنا أمتعتنا على أكتافنا ليلا لنجد أنفسنا في صباح اليوم التالى في مركز تدريب القوات الخاصة بأنشاص..وكنت أسمع عن سلاح المشاة ..المدرعات..المدفعية..لكنى لم أسمع عن هذا السلاح الذي وزعت عليه وهو سلاح القوات الخاصة..وهناك في أنشاص عرفنا ما كنا نجهله بعد أن عرفنا أن هناك مدرستان :مدرسة للصاعقة وأخرى للمظلات..وكنا نستيقظ صباحا على زئير الجنود وهم يهزون السماء بشعارهم وكنا نتبين منه كلمات يرددونها:أسود..وحوش..بر..بحر..جو..وما هى إلا أيام حتى كنا نحن الجنود الجدد قد انخرطنا في سلك الجنود القدامى ،وبدأ هذا العالم الجديد الغريب تتكشف لنا معالمه شيئا فشيئا، وأصبحنا على دراية بالملامح التي تميز مدرسة الصاعقة عن مدرسة المظلات ،بحيث يمكننا أن نختار بينهما في يوم الاختيار….وكان حضور ما يسمى ” بطابور المعركة” في مدرسة الصاعقة كافيا لعزوفنا عن الإستمرار في سلاح الصاعقة ..،وتفضيل سلاح المظلات عليه،رغم ما ينطوى عليه هذا السلاح من مخاطر كانت أصداؤها تتردد على مسامعنا من قدامى الجنود.أما ” طابور المعركة” فحكايته، أنه يضع الجندى في أجواء المعركة ،ولا أنسى يوم أن طلب منا أن نسبح في أحد المستنقعات المعدة سلفا والتى سبق أن ألقيت فيها جثث لتشكيلة من الحيوانات؛ قطط وكلاب وفئران وثعابين….ثم يطلب منك أن تسبح في هذا المستنقع في ذات الوقت الذي يقوم فريق من الجنود المدربين على الرماية بإطلاق النيران بكثافة على رؤوس السابحين بحيث لا تصيب هذه الرؤوس دون أن تبعد عنها سوى سنتيمترات ..والهدف هو وضع الجنود في أجواء المعارك الحية….وما كان يحدث أثناء السباحة أن تفاجأ بجثة من الجثث الكبيرة بين أحضانك..وهنا لا ينبغى أن تبدى انزعاجا،وأن تهب واقفا ،لأن الرصاص الكثيف المحيط بك لا يتيح لك الفرصة في مجرد رفع الرأس..حضور هذا الطابور كان كافيا لعزوفنا عن الاستمرار في مدرسة الصاعقة، وهربنا إلى مدرسة المظلات، لكنه كان هروبا أشبه بمن يستجير من الرمضاء بالنار، وذلك لأن ما كنا نسمعه عن مخاطر مدرسة المظلات ، وأقلها هو السقوط المباشر من السماء للأرض إذا ما خانت المظلة صاحبها ولم تفتح بسبب خطأ في تطبيقها – لكن هذا الموت المفاجئ كان أهون على نفوسنا من هذه الجثث التي كان يطلب منا أن نحتضنها وأن نربت بحنان على ظهرها ،وقد يبالغ المدرب ويطلب من الجندى أن يطبع قبلة حميمة على فم جثة من الجثث التي صادفته لاسيما إذا أبدى نفورا منها أو انزعاجا من ملامستها.
٥٣٥٣١٨ تعليقًا٩ مشاركاتأعجبني
مشاركة