مابين أطفال بيت لحم وأطفال غزة
في مثل هذا اليوم من السنة الثانية لميلاد المسيح ، قتل أطفال بيت لحم الشهداء وذلك ان هيرودس الملك لما استدعي المجوس سرا وتحقق منهم زمان ظهور النجم أرسلهم إلى بيت لحم ليفتشوا بالتدقيق عن الصبي وطلب منهم قائلا إذا وجدتموه فعودوا واخبروني لكي آتي انا ايضا واسجد له . فذهبوا ووجدوا الصبي مع أمه فخروا وسجدوا ثم قدموا له هدايا ذهبا ولبانا ومرا وإذ كانوا متأهبين للرجوع إلى هيرودس أمرهم ملاك الرب في حلم بان يعودوا إلى كورتهم في طريق أخر.
حينئذ لما رأي هيرودس ان المجوس قد سخروا به غضب جدا فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس
ولهذا السبب جاء المسيح الى مصر للأمان
وها نحن نرى اليوم ولمدة 100 يوم قصف متواصل على غزة راح ضحيته آلاف الأطفال شهداء وإرتاحوا من الرعب المميت . ولكن هناك مليون طفل يموتوا من الخوف والهلع والفزع مع كل قنبلة تسقط ومع كل دانة مدفع أو رصاصة تنطلق . يموت من الرعب كل هؤلاء الأطفال ثم بعد الغارة يموت مرة أخرى من حجم الجثث وكم الدمار المحيط وكم الأقارب والأصدقاء الذين سقطوا بجواره . والأصعب كم الإصابات التى يكتشفها بعد الغارة ثم منظر الدماء وانات وهلع المصابين وصرخاتهم طلبا للمعونة . لايهمنى أسباب الحرب ولانتائجها السياسية أو الحربية . ولكن أطفال غزة وأى طفل فى العالم كيف سيكون إنسانا سويا حينما يكبر ويدرك ويصبح رشيدا . تلك الحرب سيكون من نتائجها جيلا مشوها فكريا ونفسيا وإجتماعيا . وسيكون خطرا على نفسه وعلى مجتمعه وعلى العالم أجمع .
إنها مأساة الحياة فى عالم بلا قيم ولا مبادىء ولا إنسانية . لاتكلمنى عن حقوق إنسان ولا حريات ولا صداقة ولادين ولا عقيدة طالما لايوجد إنسانية ، الديمقراطية تلك الكلمة الملعونة التى تبرز أحيانا وتختفى غالبا . كلمة ملعونة تتحكم فيها أمريكا الملعونة أيضا .
كلمة ليس لها معنى ،ولكنها تبرير لتهييج الشعوب وشحذها لقتال بعضها البعض.
ماذا فعلت الديمقراطية لدول مثل ليبيا والعراق وتونس والجزائر والسودان واليمن . ماذا فعلت الديمقراطية لأوكرانيا . أصبحت بلاد خربة يحيط بها الموت لكل شعبها،
أطلال دول وأطلال شعوب وأطنان مخلفات وأطنان خوف ورعب ودم وعظام وجثث .
حروب تارة باسم الدين وتارة باسم الديمقراطية وغالبا بلا هدف .
حتى الأديان أفرغناها من معناها الروحى وبدلناها الى آلة حرب .
إن الحرب الدائرة فى غزة هى حرب وكالة بين أمريكا وإيران . وبؤر الخراب ممتدة وستمتد فى اليمن وفى تايوان وفى غرب أفريقيا كما فى الشرق الأوسط وشرق أوروبا ، ولاأستبعد نكتشف بؤرة جديدة فى جنوب أمريكا
نتمنى لأطفال غزة السكينة والطمأنينة والأمان والرحمة . لايوجد أبوة ولاأمومة فى غزة فالأب يرى طفله مصاب أو ميت ولايستطيع عمل شىء ، لايستطيع أن يحميه ولا أن يموت عوضا عنه لكنه عاجز أمام آلات الدمار المحيطة به
أن هذا الأب وهذه الأم لاينتظر منا العزاء والمواساه او المناصرة والمساندة ولكنه ينتظر الخلاص .
هانى الجزيرى