متابعه : كارولين سمعان
في سياسات الدول قد يصبح الصديق عدوا، أو العدو صديقا، تتبدل الأزمنة ومعها الأحوال، ولا شيء يبقى على حاله، هكذا يمكن وصف تصويت الكونجرس الأمريكى لمصلحة رفض نقض (فيتو) الرئيس باراك أوباما على القانون الذي يسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية ومسئوليها، بهذا القانون تصبح السعودية في مرمى نيران صديقتها الولايات المتحدة.
أبدى نواب البرلمان رفضهم التام لهذا القانون الذى يعد ابتزازا للسعودية، وخاصة أن هناك علاقات قوية تربطها بأمريكا، فمن جانبها وصفت النائبة داليا يوسف وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” (جاستا) الأمريكي والذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 برفع دعاوى قضائية ضد المملكة السعودية بأنه ورطة للبلدين .
وفيما يخص الموقف السعودي قالت يوسف في تصريحات لـ “صدى البلد”، إن السعودية لها 119 مليار دولار داخل الخزانة الأمريكية ، وربما تضع الولايات المتحدة يدها على تلك الاموال حال رفض السعودية الانصياع للقانون وهو ما يجعل المملكة في ورطة كبرى.
ولفتت النائبة إلى ان السعودية هددت بسحب استثمارتها من الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مستثمر بأمريكا إلا انه من المستحيل عليها تنفيذ هذا التهديد ، كما ان التقديرات تشير إلى أن المبلغ المطلوب من السعودية قد يصل لـ 3.3 تريليون دولار ، وهو مبلغ قادر على هدم أي دولة.
وعن موقف الولايات المتحدة ، أكدت يوسف أن هذا القانون له أبعاد تفتح النيران عليها، لأنه يسقط الحصانة عن الدول ويحولها إلى أفراد يمكن مقاضاتها لافتة إلى أن باراك أوباما، ورئيس المخابرات الامريكية وغيرهما قالوا في معرض رفضهم لهذا القانون أنه يفتح الابواب للسماح بالمساءلة الدولية والمحاسبة لسياسات امريكا “، فإذا كانت أمريكا ستحاسب السعودية على حادثة إرهابية وقعت بها فما الذي يمنع ملايين من العراق وسوريا وليبيا من تفصيل قانون مماثل لمحاسبة أمريكا على جرائمها؟”.
ولفتت النائبة إلى أن مؤيدي القانون ردوا على تلك التخوفات، بأن القانون تم تفصيله للرد فقط على العمليات الارهابية التي تقع على الاراضي الامريكية، وهو رد غير مقنع لأن أي دولة يمكن أن تفصل بداخلها قانونا لمحاكمة دولة اخرى على جرائمها .
وشددت النائبة على أن هذا القانون مخالف للقانون الدولي، لان الدول الاعضاء في الأمم المتحدة ذات سيادة ، وليس من حق الفرد رفع قضايا عليها ، موضحة ان هناك اختلافا كبيرا بين ما يحدث الآن مع السعودية وماحدث منذ 20 عاما في قضية “لوكيربي” – فجرت في المجال الجوي للمملكة المتحدة طائرة “بان أميركان” في رحلتها رقم 103 وتحطمت فوق قرية لوكيربي في أسكتلندا وأودى الحادث بحياة 270 من جنسيات مختلفة. وفي حطام الطائرة وجد المحققون شظايا قليلة من قنبلة لوحظ في إحداها وجود أثر ملتو يقود إلى أجهزة المخابرات السرية الليبية- .
وقالت يوسف ، إن ماحدث في واقعة “لوكيربي” هو ان الولايات المتحدة جلست على مائدة المفاوضات مع ليبيا، وتم الاتفاق على أموال تدفعها ليبيا لأسر الضحايا ، وهنا الأمر تم بتسوية وليس بمحاكمة كما يحدث مع السعودية.
وأشارت وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، إلى أن السعودية إذا حاولت اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية واتهام الولايات المتحدة بمخالفة القانون الدولي، فإن الامور ستنتهي لصالح أمريكا خاصة أنها الممول للأمم المتحدة وكل عناصرها وبالتالي لن تأخذ قرارا ضد أمريكا .
وقالت يوسف إن ما يحدث الآن هو جزء من مسلسل السياسات الجديدة التي مارستها الولايات المتحدة في المنطقة منذ 5 سنوات وتزامنا مع الربيع العربي، ولا يمكن عدم الربط بين هذا القرار والتحركات الأمريكية في المنطقة ومن بينها التقارب الامريكي الإيراني المفاجئ واعتقاد أمريكا أن إيران تصلح شرطي الخليج ، وكذلك اعتقادها أن الشيعة سلاح لمواجهة “السنة ” أو الإرهابيين في المفهوم الأمريكي .
وحول إمكانية تراجع الولايات المتحدة عن هذا القانون ، قالت وكيل لجنة العلاقات الخارجية ، ان هذا سيكون أمرا غاية في الصعوبة ، خاصة أن الديمقراطيين والجمهوريين لأول مرة يتفقون على قانون بهذا الشكل الكاسح، وتمرير القانون من البرلمان جاء إرضاء للشعب الأمريكي الذي سعى الإعلام خلال الفترة الماضية لخلق رأي عام في اتجاه تأييده لهذا القانون، وهو ما تم بالفعل حيث يتمتع القانون بمساندة ودعم قوي من الشعب الأمريكي باعتباره يسمح لعائلات الضحايا بالحصول على حقوقهم لضحايا العملية الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمير .
وحول المخرج من المأزق ، قالت يوسف انه إلى الآن لا يوجد منفذ واضح لخروج السعودية من المأزق الذي تواجهه غير أنها كانت تستطيع الاستعداد له منذ عام عندما بدأت مناقشات القانون، وذلك عن طريقة صناعة ” لوبي ضغط ” على القرار الامريكي باعتبارها أكبر مستثمر في أمريكا لكنها تأخرت في هذا كثيرا.
وأضافت : ” نحن كعرب فاشلون في إدارة مصالحنا دوليا وفي معرفة حقوق انفسنا”.
وقال النائب أحمد إمبابى وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، إن الهدف من تصويت الكونجرس الأمريكي لمصلحة رفض نقض (فيتو) الرئيس باراك أوباما على القانون الذي يسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية ومسئوليها، يسعى لابتزاز المملكة العربية السعودية.
وتابع وكيل اللجنة فى تصريح لـ”صدى البلد”، أن السعودية لا تملك سوى رفض هذا القانون، خاصة أن الدول الكبرى تقف بجوار أمريكا فى قراراتها، لافتًا إلى أن الكونجرس الأمريكى لا سلطان على سياسته.
فيما وصف النائب مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، الذين يظنون أن قرار الكونجرس الأخير ضد السعودية سوف يقتصر على ابتزاز السعودية بأنهم “واهمون، لأن هناك اتهامات موجهة ضد آخرين بارتكاب أحداث 11 سبتمبر، منها مصر والإمارات”، مطالبا بموقف عربي موحد يضع حدا للابتزاز الأمريكي، الذي لن يتوقف عند حدود الابتزاز المالي، بل ستكون هناك تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي، خاصة أن السعودية أصبحت الآن في مرمى الهدف الأمريكي – الصهيوني.
وقال بكرى، على حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر”، إنه يتوجب توحيد الجهود العربية والإسلامية للتصدي لهذا المخطط الذي يستهدف ابتزاز 3.3 تريليون دولار كتعويضات من السعودية، يبدأ بالاستيلاء على ودائع واستثمارات السعودية في الولايات المتحدة والبالغة 750 مليار دولار ثم ارتهان النفط السعودي لدفع الباقي، وكذلك الحال في حال رفع قضايا ضد مصر والإمارات.
وأضاف: “لقد فرضت أمريكا مجددا قانون البلطجة، واعتدت على القانون الدولي وانتهكت قانون حصانة الدول وجعلت من القانون المحلي أداة لحكم العالم وإنهاء القانون الدولي والاعتداء على ميثاق الأمم المتحدة، من الآن يجب أن نعامل أمريكا بالمثل، وأن نرفع القضايا باسم ملايين المشردين والشهداء والجرحى في عالمنا العربي والإسلامي من ضحايا الآلة العسكرية الأمريكية”.
أما النائب إبراهيم عبد الوهاب عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، قال إن هناك اختلافا داخل الولايات المتحدة الأمريكية حول علاقتها بالسعودية، لافتا إلى أن هذا الاختلاف، أسبابه مبهمة وغير معروفة، والمناظرة التى جمعت بين هيلارى كلينتون ودونالد ترامب كان بها مؤشرات على قيام أمريكا بحماية السعودية.
وتابع عبدالوهاب فى تصريح لـ”صدى البلد”، أن هناك العديد من المؤشرات التى تدل على أن العلاقة بين السعودية وأمريكا قوية ومستمرة وخاصة أن هناك مصالح تجمع الدولتين، كما تعد السعودية ودول الخليج منبع البترول الذى تقوم عليه أمريكا.
وأضاف أن السعودية ليس لها علاقة بأحداث سبتمر ولا يجوز تحميلها تعويضات، كما أن عليها الاستعداد جيدا لهذا الملف ووضع خطة جيدة والاستعداد لاحتمالية تجميد استثماراتها التى تبلغ المليارات فى أمريكا.
وكان الكونجرس الأمريكي صوت لمصلحة رفض نقض (فيتو) الرئيس باراك أوباما على القانون الذي يسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية ومسئوليها.
هذا الخبر منقول من : صدى البلد