عبدالرحمن الرياني
arrayyany2020@gmail.com
ما سيتم تناوله في هذه السطور قد ينظر اليه الكثير من المتابعين بعين الغرابة كونه وفي جزئيات كثيرة مما سيطرح يمكن ان يندرج في حكم العجائب والغرائب ويدخل في مقاييس اللا منطق أما وقد قد صعدت روح الشهيد علي عبدالله صالح الى بارئها وازعم انني وكثير من اليمنيين لم نفق من هول الصدمة بعد لكنني اوكد ان التجرد من العاطفة هو ما يتحكم في خروج الكلمات وتدفقها فيما سيأتي وليس العاطفة أو الانفعالية وليس الانحياز كان الشهيد الراحل يتعامل مع السواد الاعظم من اليمنيين بعقلية الاب الذي يمارس الوصاية على الجميع ويرى نفسه مسؤولا عن تقييم الاعوجاج الذي يظهر في سلوكيات الابناء هذه النظرة الابوية هي التي جعلت منه يخترق وبطريقة سهلة ودون عناء معظم القوى السياسية في البلاد اذكر مرة وفي احدى الدورات الانتخابية انني دخلت في نقاش مع قيادي كبير في المعارضة اليمنية عن المرشح المقابل للرئيس الراحل وكان يومها فيصل بن شملان حول امكانية فوز فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية وكانت المفاجئة عندم رد بالقول علي عبدالله صالح سيفوز وبفارق كبير من الاصوات معللا كلامه بأن اليمنيين لا يختلفون على الرجل لكنهم يختلفون على بعض سياساته اما شخص الرئيس فهي مسألة غير خلافية هذا الكلام صدمني وكنت دائما اردد ان بعض قيادات المعارضة اقرب للرجل حتى من احزابهم ،على الصعيد الاعلامي هناك كشوف مالية تضم المئات من الكتاب والصحفيين الذين كانوا مع الرئيس الراحل او أولئك المحسوبين على المعارضة اليمنية بكافة الوان الطيف حيث عمد الرئيس صالح على دعم حتى اولئك الذين كانوا يشتمونه في الصحف بمبالغ مالية ثابتة لتحسين وضعهم المعيشي وكثيرون هم الذين حصلوا على مبالغ مالية بأوامر رئاسية مكنتهم من فتح صحف اسبوعية كانت تهاجم الرجل وتختلف معه وبالطبع استطيع ذكرهم بالاسم لكن ليس هذا الوقت ولا السياق المناسب لذلك ، ايضا هناك من السياسيين من عارضوا صالح ووقفوا ضده ووضعت أسمائهم في قوائم الخيانة والعمالة التي كان صالح يصدرها على غرار قائمة الستة عشر ومع ذلك عندما كان البعض يصل الى المنفى ويتعرض لأي ضائقة مالية كان علي عبدالله صالح يمدهم بالمال وهي حالة من الحالات النادرة وهناك نماذج لعدد لا ينتهي من الشخصيات السياسية بعضها محيط بالرئيس هادي والبعض الاخر من اقرب الشخصيات لعلي سالم البيض وعدد منهم من قيادات الحراك الجنوبي نعم من قيادات الحراك الجنوبي الذي اجزل لهم صالح العطاء وهكذا فعل مع قيادات الجبهة ومع عدد من القيادات الناصرية في اليمن خصومه التاريخيين ، هذا النهج في التعامل مع النخب والمثقفين اليمنيين جعل من العلاقة بين الرئيس وتلك النخب اشبه بالعلاقة العاطفية القائمة بالسر وهو سلوك ونهج اعتمده الرئيس صالح منذ صعوده الى سدة السلطة هكذا تعامل مع القيادات في الجبهة الوطنية الديمقراطية ذات التوجه الماركسي التي سيطرة في فترة من الفترات قبل الوحدة على 60% من ريف اليمن الشمالي فكان من الرئيس السابق ان حاورهم وبعد ان تمكن من انهاء التمرد المسلح الذي استمر لمدة خمس سنوات منحهم العديد من الامتيازات في نظامه الرجل لم يكن يؤمن بحالة العداء الدائم مع أي تيار سياسي كان ياسين سعيد نعمان امين عام الحزب الاشتراكي اليمني المعارض احد القيادات الت يكن لها الراحل التقدير والاحترام وعلى الجانب الشخصي كان يمكن ان يصطحب في رحلاته الخصة التي يتجول بها في المحافظات اليمنية باستمرار وهيمن المميزات التي جعلت منه مقبولا لدى الكثير من القيادات المعارضة وهذا الأمر ينطبق على عبدالملك المخلافي وزير الخارجية الحالي وامين عام التنظيم الناصري في اليمن الذي كانت بينه وبين الرئيس الراحل علاقة جيدة ومتينة واضيف ووطيدة في المقابل كانت علاقة الرئيس الراحل بزعماء القبائل وعلى رأسهم الشيخ الاحمر قويه بالرغم من الخلافات التي كانت تحدث ما بين الرجلين الى الحد الذي حدى بالشيخ ان يجعل من الرئيس وصيا على ابنائه وقضية مقتل بنت الشيخ الاحمر في الاردن وكيف انه جعل الرئيس وليا لها لحل تلك القضية قبليا مع ال الشعلان، لقد كانت علاقة علي عبدالله صالح مع الجميع تحت الاضواء قوية الى درجة الاجماع على شخصه حتى عندما جاء الربيع العربي اراد صالح ان يحتكم لكتاب الله لكن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين اعطى اوامره الصارمة والصريحة لحزب التجمع اليمني للإصلاح الفرع الأخواني في اليمن بعدم التفاوض والعمل بسرعة على إسقاط الرئيس كون ذلك التنظيم اعتبر سقوطه خطوة في طريق قيام دولة الخلافة ولهذا استمرت المظاهرات في الساحة وهو نفس السبب الذي جعل من دولة قطر تقدم دعما ماليا للمعارضة اليمنية وصل الى خمسمائة مليون دولار لتبقي الجماهير في ساحات الاعتصامحتى تقديم استقالته والتنحي وهذا ما حدث فعلا لقد نجحت الاموال القطرية في تنحيه في المرة الاولى 2012م ونجحت من خلال ضابط استخبارات يمني هو عبدالملك السياني في تحديد مكانه في المرة الثانية مما قاد الى استشهاده وفي كلا الحالتين حدث ذلك بالتنسيق مع الاخوان وايران على وجه التحديد ، لقد كانت العلاقة بين الرجل ومختلف القوى السياسية جيدة على مدى تاريخه ومما ساعد في ذلك هو ان معظم القوى السياسية والنخب والمثقفين والمشتغلين بمهنة الحرف كانت لديهم حالة تذمر من الاطر والتنظيمات السياسية التي يتبعونها بسبب الاداء السلبي والمحاباة وانعدام الروح والمصداقية وهي ارضية خصبة قادة صالح الى استقطابهم نحوه لا نحو حزبه ، ومايمكن قراءته من حالة الحزن التي خيمت على اليمن بعد استشهاده هي ان الرجل كان خصما شريفا ففي قمة النصر كان يقدم مبدأ العفو العام دائما منذ حروبه مع الجبهة وحتى حرب الانفصال 1994م ايضا هناك عامل مهم جعل اليمنيين يبكون صالح وهو ان النفسية اليمنية نفسية لاتعرف الحقد يغلب عليها الجانب الانفعالي لكنها تغلب الحكمة في معظم الاحيان وهو ما يطرح التساؤل المهم لماذا قتل الحوثيون الهاشميون احفاد الحسين من الفخذ الايراني الرئيس الراحل بتلك الهمجية وهو الذي انقذهم من سطوة الجيش اليمني مرات عديدة عندما كان الجيش يصل الى اخر معاقلهم وكان يمكن ابادتهم والقضاء عليهم طيلة الحروب الستة وهو الذي مكن لهم بالقوة والعتاد الاجابة على ذلك هو ان سكان الكهف لم يكونوا يتميزوا بخصال اليمنيين وصفاتهم الحسنة ويغلب على نفسياتهم روح الانتقام لا روح التسامح .
اخيرا كيف ولماذا فشل الرئيس السابق في هجومه ضد الحوثيين من المتابعة الدقيقة للوضع اليمني استطيع القول ان طريقة تعامله مع الحدث كان يفتقر الى الدهاء الامني الذي عرف عن الرجل طيلة تاريخه السياسي ففي 22 نوفمبر الماضي عندما عقد الرئيس اجتماعه الموسع بقيادات الحرس الجمهوري كانت الكارثة وبداية الخطأ لقد كان الاجتماع الموسع خطأ بحد ذاته لم يفطن الرئيس الى امكانية تغير الولاءات لصالح الحوثي الذي اطلع على كل ما حدث بالتفصيل بعد اقل من ساعة على نهاية الاجتماع وليس كما قيل من احد القيادات بل من اكثر من شخص .
ثانيا مراهنة الرئيس الراحل على نجاح الخطة التي وضعها لم تكن مراهنة واقعية تنسجم مع الحدث وتتماهى معه بصورة صحيحة لقد ركز الرئيس على الآتي :
تحرك الحرس الجمهوري أقل من خمسة الاف في العاصمة لاقتحام المعسكرات والدوائر الحكومية بإسقاطها بدعم من الجماهير الغاضبة التي ستهب بعشرات الالاف لمحاصرة الحوثيين مع زحف قبلي من قبائل طوق العاصمة تلتحمبأسلحتها مع الحرس وجماهير العاصمة فكانت الطامة الكبرى عندما لم تتحرك الابعض وحدات من الحرس وبسلاح خفيف افضل ما فيه الاربي جي اما الجماهير جماهير العاصمة فلم تخرج وخرج انصار المؤتمر الشعبي العام بأعداد ضئيلة لم تخرج احياء مثل هائل والدائري ومعين التي يغلب عليها سكان تعز والمناطق الشافعية كان صالح يراهن على جماهير تعز التي في داخل صنعاء والتي حركت الحشود ضده في العام 2011م وهي التي تتعرض مدينتها للحصار والقصف والتجويع والمهانة من قبل ميلشيات الحوثي على مدى عامين ونصف لكنهم لم يخرجوا في الانتفاضة ووقفوا يراقبون الموقف وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب او من بعيد ، اما القبائل فهي دائما تمارس الانتهازية في هكذا مواقف وربما اجبرهم الحوثي من خلال ميثاق الشرف القبلي على الركون في مواقعهم ، ايضا هناك موقف حزب الاصلاح فرع الاخوان اليمني الذي رفضت قيادته دعم أي طرف من طرفي الصراع المسلح وهي بذلك ظهرت كما لو انها مليئة بالحقد على صالح واقرب للحركة الحوثية على الرغم من ان الاخوان المسلمين بكافة قياداتهم كانوا على علاقة مع الرئيس علي عبدالله صالح على مدى 33 عاما هي فترة حكمه وبهذا يكونوا تأمروا عليه مرتين وفي هذا السياق فإن عدم خروج النقابات واتحاد الطلبة وباقي الروابط المهنية للمشاركة في انتفاضة صنعاء في الفاتح من ديسمبر يجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام ، ختاما اكثر من استفاد من الرئيس صالح إبان فترة حكمه هم الاخوان والحوثيون الاولى خذلوه مرتين والاخيرة اعني الحوثية غدروه ومن ثم قتلوه والجامع في الحالتين الحوثية والإخوانية هي تلك التشوهات في الحاضن الديني كوعاء فكري .
• كاتب ومحلل سياسي يمني مقيم بالقاهرة