في تقرير صادر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام بالأردن، لفت إلى أن عدد المسيحيين المقيمين في الدول العربية يتراجع بشكل يثير الكثير من المخاوف.
وبحسب التقرير فإن الأراضي الفلسطينية، مهد المسيحية، بتواجد بها 49 ألف مسيحي فقط، أي ما يعادل 1.2 بالمئة من إجمالي السكان. ويعيش نصف هؤلاء في محافظة بيت لحم، وفي مهد المسيح يعيش حوالي 6500 مسيحي فقط. ويذكر أن عدد المسيحيين في مدينة القدس بحسب إحصاء 1922 كان يساوي 3 أضعاف عدد المسلمين.
أما في سوريا فلم يبق من المسيحيين العرب إلا 1.2 مليون مسيحي. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت عام 2016 أن عدد السكان المسيحيين في سوريا انخفض مليونا واحدا منذ بداية الأزمة في البلاد عام 2011. وقال قسطنطين دولغوف، مفوض الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون “انخفض عدد المسيحيين في سوريا منذ بداية النزاع المسلح هناك من 2.2 مليون إنسان إلى 1.2”. وكان عدد المسيحيين عام 1950 يقدر بحوالي 5 ملايين، حيث كانوا يشكلون نسبة 60 بالمئة من عدد السكان.
الأمر ذاته في العراق، فبعد أن كانت أعداد المسيحيين العراقيين تقدر بثلاثة ملايين في نهاية القرن العشرين صار عددهم في العراق اليوم لا يزيد عن نصف مليون، وإذا استمر فرارهم للنجاة بأنفسهم فإن الدراسات تتوقع نهاية وجودهم في العراق خلال السنوات العشر القادمة.
أما الأقباط الذين كانوا يشكلون 25 بالمئة من سكان مصر فقد أصبحوا الآن يشكلون أكثر من 10 بالمئة (حوالي 10 ملايين). وفي الأردن تشير الإحصائيات إلى أن عددهم حاليا يقارب المئتين وخمسين ألف نسمة.
وحتى في لبنان، الذي كان المسيحيون فيه يشكلون أغلبية قبل نحو قرن من الزمان، تحول المسيحيون إلى أقلية، بسبب الهجرة إلى الخارج وارتفاع معدلات الإنجاب لدى المسلمين. والآن بات المسيحيون في لبنان يشكلون حوالي 30 أو 35 بالمئة من مجموع السكان. وفي المحصلة لم يبق من المسيحيين في العالم العربي إلا ما بين اثني عشر مليون نسمة وخمسة عشر مليون نسمة من أصل ثلاث مئة وخمسين مليون عربي تقريبًا، وهؤلاء قد تنخفض أعدادهم -كما تشير الدراسات- إلى نحو 6 ملايين سنة 2025.
وفي إصداره الأخير بعنوان “مستقبل الأديان في العالم” في 2015، توقع مركز بيو للأبحاث بواشنطن استمرار تراجع الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليبلغ 3 بالمئة فقط في 2050، إذا استمرت معدلات النمو والهجرة على النحو الحالي.
لقد لعب المسيحيون العرب دورا بارزا في إطار مشروع النهضة العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ناهيك عن دورهم في الحركات الوطنية الدستورية، والاستقلالية، ثم في إطار حركات التحرر الوطني العربية. كما كان للمسيحيين العرب حضور مؤثر في بناء دولة ما بعد الاستقلال. لكن من تناقضات التعامل مع الواقع الديني في البلاد العربية أن أغلبها لا تزال تتستر على أعداد المتدينين بأديانها والتابعين لطوائفها بدعوى الحفاظ على “الوحدة الوطنية”.
ويقول التقرير إن المسيحيين العرب عانوا طوال سنوات كثيرة خيارات محدودة، فإما أن يكونوا في صف النظام الحاكم الذي يعارض تيارات الإسلام السياسي المتشدد، وإما أن ينضموا إلى الحركات المدنية التي لا تتمتع بأي تأثير يذكر. وهناك من لا يزال ينكر فقدان العراق أكثر من مليون ونصف المليون مسيحي هاجروا بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، بعد أن كان المأمول اشتراك العراقيين بمختلف اتجاهاتهم في بناء دولة ديمقراطية حقيقية. وهناك مَن ينكر تراجع الوجود المسيحي في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 في ظل تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية.
البوابة نيوز