متابعه:كارولين سمعان
ظلت القمة العربية منذ شهر مارس الماضى رهينة لقبول دولة عربية استضافته، بعد اعتذار المغرب عنها بسبب الخلافات والمخاوف من تحولها إلى اجتماع مناسباتى بين الأطراف، قبلت إدارة الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز استضافة قمة الخلافات التي عقدت تحت مسمى «الأمل» لحماية بيت الأمة من الوقوف عاجزا أمام قمة لقيطة تبحث عن راع لها.
قبول نواكشوط لاستضافة القمة موقف يحسب لها ولا يقلل من قيمة دولة هامة عضو بالجامعة العربية، تعمد الجميع عن قصد أو دون قصد تهميشها وعدم الالتفات للمخاطر التي تحاك ضدها.
غياب 13 زعيما
وسط هذا المعترك السياسي والخلاف المحتدم بين المغرب وموريتانيا على خلفية دعم الأخيرة لجبهة “البوليساريو” تحركت وسائل إعلام عربية لتهاجم الدولة المستضيفة وتقلل من شأنها حتى وصلت الأمور إلى زعم انتشار “الجرزان” بفنادق نواكشوط التي تسضيف الوفود، إضافة إلى ترويج معلومات حول وجود تهديدات إرهابية محتملة ضد القادة والزعماء من تحالف الشيطان الثلاثي بين “القاعدة وداعش وبوكو حرام”.. المعلومات التي تم ترويجها خلال الأيام الماضية تركن إلى معطيات متوفرة على الأرض حول وجود معسكر كبير لـ”قاعدة الساحل والصحراء” في الصحراء الموريتانية يشرف عليه زعيم “كتيبة الموقعون بالدم” مختار بلمختار الشهير بـ”الأعور”، وحسب ما تم نشره استضاف المعسكر عناصر إرهابية من الحركات الثلاثة خلال الأيام الماضية، ورصدت المخابرات الجزائرية نقل كميات هائلة من الأسلحة والعتاد لهذه العناصر هناك لتنفيذ مهمة غير معلومة.
ربما ما تناقلته وسائل الإعلام اليوم حول اعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي عن المشاركة في القمة العربية، إضافة إلى 12 زعيما آخر يفسر إلى حد كبير ما تم تناقله حول المعسكر الإرهابى ويكشف المهمة المعقدة التي تهدف إلى إحراج موريتانيا أمام الرأي العام العربي والدولي، وتمثل أكبر عقاب للرئيس الموريتانى محمد ولد عبدالعزيز على دوره في مكافحة هذه الجماعات ومطاردتها حتى التخوم الحدودية لدول الجوار بصحراء شاسعة.
تحالف ثلاثي
تعمل أشهر ثلاث منظمات إرهابية في مراكز تدريب للقاعدة بالصحراء الموريتانية حيث يجند عشرات الأشخاص من الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا وأوروبا لاعتناق العنف الجهادي، والتدريب على الهجمات وهو ما يمكن أن يمدد ويعرف بالخلافة في شمال وغرب أفريقيا، حسبما يرى محللون.
وتنظيم الدولة وجماعة بوكو حرام، وتنظيم القاعدة، لديها روابط في المخيمات البعيدة في الرمال المفتوحة في بلد من شمال أفريقيا وذلك حسبما يرى المحلل فريان خان مدير تحرير بقاعدة فلوريدا لبحث الإرهاب، وهي تتبع الإرهاب الدولي ولديها موارد على الأرض بموريتانيا. وعلى الرغم من بقاء موريتانيا مستقرة وسط موجات الربيع العربى، لكنها تتشارك الحدود مع مالي المرعبة وليست بعيدة عن نيجيريا حيث تتركز جماعة بوكو حرام.
ويقول المحلل خان: إن وضع موريتانيا الذي يشبه برميل البارود لا يتحدث عنها إلا أشخاص قلائل.
حدود مالي
الملفت أيضا في الحراك الإرهابى الذي تزامن مع انطلاق القمة بهدف الشوشرة عليها وترويعها، تجدد المعارك الجمعة الماضية في مدينة كيدال شمالي مالي على حدود موريتانيا، بين قوات من تنسيقية الحركات الأزوادية ومسلحين من حركة غاتيا الموالية للحكومة.
وقالت مصادر محلية إن هذه المعارك تجددت بعد فشل محاولات لإنهاء الصراع بين الطرفين قام بها قادة محليون في كيدال.
ودعت قوات حفظ السلام الدولية في مالي الطرفين إلى وقف القتال فورا وتجنيب المدنيين مخاطر الحرب.
وبحسب شهود عيان وقتها، اندلعت مواجهات عنيفة -استخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة- بين عناصر تنتمي لمجموعة الدفاع الذاتي للطوارق «إيمغاد وحلفائها» (غاتيا) الموالية لحكومة باماكو، وأخرى من المجلس الأعلى لوحدة أزواد (إحدى المجموعات المنضوية ضمن تنسيقية الحركات الأزوادية) ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى.
حفيد البنا
وعقب الإعلان عن مشاركة الرئيس السيسي في القمة العربية، أعلنت السلطات الموريتانية حالة التأهب القصوى ضد فرع جماعة الإخوان هناك «تواصل»، وبحسب صحيفة “نواكشوط” الموريتانية، وتحسبا لأي مفاجآت من جانب «إخوان موريتانيا» رفضت السلطات، مساء السبت الماضي، دخول الداعية والمفكر السويسري طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، إلى أراضيها واحتجزته في المطار لتعيده فجرا في رحلة الخطوط المغربية، بحجة عدم امتلاكه الأوراق اللازمة لدخول التراب الموريتاني.
وطارق هو حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا من أمه، ونجل الدكتور سعيد رمضان سكرتير البنا، وكان يطلق عليه وزير خارجية الجماعة، وأخوه هاني رمضان أستاذ وإسلامي سويسري ومدير مركز جنيف الإسلامي.
وكانت جمعيتان إسلاميتان وجهتا الدعوة لطارق لعقد ندوات وإلقاء محاضرات على مدى 3 أيام اعتبارا من يوم أمس الأحد.
مؤشرات مقلقة
بالرغم من أنه حتى الآن لم يكشف مصدر معلوم تفاصيل خطة التحالف الإرهابى لاستهداف القادة وطريقة اغتيالهم تبقى المعلومات المتاحة سندا قويا على توفر النية لتنفيذ عملية إرهابية تفسد القمة العربية وتعاقب موريتانيا، خاصة أن الجيش الموريتانى نجح خلال السنوات الماضية في توجيه ضربات موجعة لـ”الأقرع” الذي يسعى فسادا في دول المنطقة من خلال الدروب الصحراوية سواء بتنفيذ عمليات إرهابية نوعية وصلت إلى تجارة البشر والمخدرات وكانت آخر جرائمها تبنيه مقل ثلاثة ضباط فرنسيين في ليبيا اليوم، علاوة على تصدي “نواكشوط” لفرع الإخوان الذي يدين بالولاء للجماعة في مصر ويولى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ومن غير المستبعد أيضا إقدام الفرع الإخوانى على عملية إرهابية نوعية تخف الضغط الإعلامي على انقلاب أنقرة.
هذا الخبر منقول من : موقع فيتو