متابعه : كارولين سمعان
مشهد كان يتكرر فى الأول من مايو كل عام.. يخرج الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، معتليا منصة قاعة المؤتمرات، وملقيا كلماته المهندمة فى عيد العمال عن حقوق الشعب والعمال والعدالة الاجتماعية، وسط تصفيقات الحضور، وفجأة تقطع كلمات الرئيس هتافات عدد من العمال وأعضاء اتحاد العمال وأعضاء بمجلس الشعب بعبارة مكررة سنويا، مرددين الجملة الشهيرة “العلاوة ياريس.. العلاوة ياريس”، فيسارع مبارك فى الاستجابة على الفور بإعلان علاوة قدرها “5 %”، وأحيانا مع إلحاحهم قد تصل إلى 10 %”، حسبما تقتضيه الظروف الاقتصادية. لكن من اليوم، ومع وضع اللمسات النهائية لإقرار قانون الخدمة المدنية، لن تستمع إلى هذه العبارة الشهيرة، حيث ستنتقل “العلاوة” من “منحة من الرئيس أو منة يمن بها على موظفى الدولة”، إلى حق من حقوق المواطن التزاما بصحيح القانون، وخطوة فى طريق تحقيق الدستور. ونص مشروع قانون الخدمة المدنية، الذى وافق عليه البرلمان مؤخرا على أنه “يستحق الموظف علاوة دورية سنوية فى الأول من يوليو التالى لانقضاء سنة من تاريخ شغل الوظيفة أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة بنسبة لا تقل عن 7 % من الأجر الوظيفى، على أن يحدد مجلس الوزراء نسبة العلاوة سنويا”، حيث إنه بحسب القانون سيختص رئيس الوزراء سنويا بتحديد نسبة العلاوة بحيث لا تقل عن الـ7% المقررة قانونا. ويزيل القانون بصورته الحالية، الصورة الراسخة فى عقول الموظفين بأن العلاوة منحة يجب أن تطلب من رئيس الجمهورية، إلى التأكيد على أنها حق أصيل من حقوق الموظف على الدولة، لا يجب أن يطالب به أو ينتظر منحه من أحد. غير أن السؤال الأهم الذى يطرح نفسه “هل العلاوة مناسبة لمواجهة نسب التضخم”؟.. الإجابة نعم، لأنه فى السابق كانت تقر بناء على الأجر الأساسى، فيما ستقر حاليا بناء على الأجر الوظيفى وهو أكثر بكثير من الأجر الأساسى، وبالإضافة لذلك فالعلاوة فى السابق كانت تساهم فى زيادة نسب التضخم حيث كان ينتظرها التجار لزيادة الأسعار، كما أن نسبة الـ7 % مناسبة لمعدل التضخم السنوى، وذلك بعد تعديل النسبة التى كانت 5% فى مشروع القانون السابق. والقانون سيسهم بشكل حقيقى فى تطوير الهيكل الإدارى للدولة – إذا تم تطبيقه فى صورة مثالية- وإذا نجحت الحكومة فى فرض الضوابط الواردة به، ومنع استغلال السلطة والنفوذ، كما أنه يلزم بتدريب وتأهيل الموظفين للقيام بواجباتهم ومسئولياتهم، وهو أمر مهم جدا، يساهم فى تأهيل الموظف وترقيته وسرعة إنجاز العمل وتنمية المهارات والقدرات، وهو الذى لم يكن متوفرا فى السابق. ومن المزايا فى القانون أن العلاوة الدورية أصبحت 7% من الأجر الوظيفى، وليس الأجر الأساسى، حيث كانت تتراوح بحسب القانون القديم بين 1.5 جنيه و6.25 جنيها شهريا، وارتفعت قيمة العلاوة التشجيعية من 6.25 جنيها بحد أقصى، إلى 5% من الأجر الوظيفى، وكانت الترقية فى القانون القديم كل 8 سنوات بينما تتم كل 3 سنوات فى قانون الخدمة المدنية، وفى حال تطبيق القانون. ويهدف القانون لإجراء إصلاحات فى الهيكل الإدارى للدولة، حيث يطبق على الوزارات والمصالح ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة التى لا توجد لها لائحة خاصة بالخدمة المدنية مثل هيئات قناة السويس والسكة الحديد والنقل العام والإذاعة والتليفزيون، ولا يطبق أيضا على الكوادر الخاصة بالدولة مثل أعضاء التدريس والمركز البحثية، وأعضاء الهيئات القضائية، والسلك الدبلوماسى والأطباء والمعلمين. بقى أن نشير إلى أن الدولة، عليها فى إطار هدفها للتطوير وإعادة الهيكلة، أن تضع خطة خلال السنوات الثلاثة المقبلة لرفع الحد الأدنى للأجور، الذى لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية نهائيا.